اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 320
كتاب أمهات الاولاد وأصول هذا الباب النظر في هل تباع أم الولد
أم لا ؟ وإن كانت لا تباع فمتى تكون أم ولد ، وبماذا تكون أم ولد ، وما
يبقى فيها لسيدها من أحكام العبودية ، ومتى تكون حرة ؟ أما المسألة الاولى :
فإن العلماء اختلفوا فيها سلفهم وخلفهم ، فالثابت عن عمر رضي الله عنه أنه
قضى بأنها لا تباع وأنها حرة من رأس مال سيدها إذا مات .
وروي مثل ذلك عن عثمان ، وهو قول أكثر التابعين وجمهور فقهاء الامصار .
وكان أبو بكر الصديق وعلي رضوان الله عليهما وابن عباس وابن الزبير
وجابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري يجيزون بيع أم الولد ، وبه قالت
الظاهرية من فقهاء الامصار .
وقال جابر وأبو سعيد : كنا نبيع أمهات الاولاد والنبي عليه الصلاة والسلام فينا لا يرى بذلك بأسا .
واحتجوا بما روي عن جابر أنه قال : كنا نبيع أمهات الاولاد على عهد
رسول الله ( ص ) وأبي بكر وصدر من خلافة عمر ، ثم نهانا عمر عن بيعهن ومما
اعتمد عليه أهل الظاهر في هذه المسألة النوع من الاستدلال الذي يعرف
باستصحاب حال الاجماع ، وذلك أنهم قالوا : لما انعقد الاجماع على أنها
مملوكة قبل الولادة ، وجب أن تكون كذلك بعد الولادة إلى أن يدل الدليل على
غير ذلك ، وقد تبين في كتب الاصول قوة هذا الاستدلال ، وأنه لا يصح عند من
يقول بالقياس ، وإنما يكون ذلك دليلا بحسب رأي من ينكر القياس ، وربما احتج
الجمهور عليهم بمثل احتجاجهم ، وهو الذي يعرفونه بمقابلة الدعوى بالدعوى ،
وذلك أنهم يقولون : أليس تعرفون أن الاجماع قد انعقد على منع بيعها في حال
حملها ، فإذا كان ذلك وجب أن يستصحب حال هذا الاجماع بعد وضع الحمل ، إلا
أن المتأخرين من أهل الظاهرأحدثوا في هذا الاصل نقضا ، وذلك أنهم لا يسلمون
منع بيعها حاملا .
ومما اعتمده الجمهور في هذا الباب من الاثر ما روي عنه عليه الصلاة
والسلام أنه قال في مارية سريته لما ولدت إبراهيم : أعتقها ولدها ومن ذلك
حديث ابن عباس عن النبي ( ص ) أنه قال : أيما امرأة ولدت من سيدها فإنها
حرة إذا مات وكلا الحديثين لا يثبت عند أهل الحديث ،
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 320