اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 296
الولاء إلا من باشرن عتقه بأنفسهن أو هاجر إليهن من باشرن عتقه ،
إما بولاء أو بنسب ، مثل معتق معتقها أو ابن معتقها ، وأنهن لا يرثن معتق
من يرثنه أو ما حكي عن شريح .
وعمدته أنه لما كان لها ولاء ما أعتقه بنفسها كان لها ولاء ما أعتقه
مورثها قياسا على الرجل ، وهذا هو الذي يعرفونه بقياس المعنى ، وهو أرفع
مراتب القياس ، وإنما الذي يوهنه الشذوذ .
وعمدة الجمهور أن الولاء إنما وجب للنعمة التي كانت للمعتق على
المعتق ، وهذه النعمة إنما توجد فيمن باشر العتق ، أو كان من سبب قوي من
أسبابه وهم العصبة .
قال القاضي : وإذ قد تقرر من له ولاء ممن ليس له ولاء ، فبقي النظر في ترتيب أهل الولاء في الولاه .
فمن أشهر مسائلهم في هذا الباب المسألة التي يعرفونها بالولاء للكبر
، مثال ذلك : رجل أعتق عبدا ثم مات ذلك الرجل وترك أخوين أو ابنين ، ثم
مات أحد الاخوين وترك ابنا ، أو أحد الابنين ، فقال الجمهور في هذه المسألة
: إن حظ الاخ الميت من الولاء لا يرثه ابنه ، وهو راجع إلى أخيه لانه أحق
به من ابنه بخلافالميراث ، لان الحجب في الميراث يعتبر بالقرب من الميت ،
وهنا بالقرب من المباشر للعتق ، وهو مروي عن عمر بن الخطاب ، وعلي وعثمان
وابن مسعود وزيد بن ثابت من الصحابة ، وقال شريح وطائفة من أهل البصرة : حق
الاخ الميت في هذه وعمدة هؤلاء تشبيه الولاء بالميراث .
وعمدة الفريق الاول أن المسألة لبنيه الولاء نسب مبدؤه من المباشر .
ومن مسائلهم المشهورة في هذا الباب المسألة التي تعرف بجر الولاء .
وصورتها أن يكون عبد له بنون من أمة ، فأعتقت الامة ثم أعتق العبد
بعد ذلك ، فإن العلماء اختلفوا لمن يكون ولاء البنين إذا أعتق الاب .
وذلك أنهم اتفقوا على أن ولاءهم بعد عتق الام إذا لم يمس المولود
الرق في بطن أمه ، وذلك يكون إذا تزوجها العبد بعد العتق وقبل عتق الاب هو
لموالي الام .
واختلفوا إذا أعتق الاب هل يجر ولاء بنيه لمواليه أم لا يجر ؟ فذهب
الجمهور ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم إلى أنه يجر ، وبه قال علي رضي
الله عنه وابن مسعود والزبير وعثمان بن عفان .
وقال عطاء وعكرمة وابن شهاب وجماعة : لا يجر ولاءه .
وروي عن عمر ، وقضى به عبد الملك بن مروان لما حدثه قبيصة بن ذؤيب عن عمر بن الخطاب ، وإن كان قد روي عن عمر مثل قول الجمهور .
وعمدة الجمهور أن الولاء مشبه بالنسب ، والنسب للاب دون الام .
وعمدة الفريق الثاني أن البنين لما كانوا في الحرية تابعين لامهم
كانوا في موجب الحرية تابعين لها ، وهو الولاء - وذهب مالك إلى أن الجد يجر
ولاء حفدته إذا كان أبوهم عبدا ، إلا أن يعتق الاب ، وبه قال الشافعي
وخالفه في ذلك الكوفيون واعتمدوا في ذلك على أن ولاء الجد إنما يثبت لمعتق
الجد على البنين من جهة الاب ، وإذا لم يكن للاب ولاء فأحرى أن لا يكون
للجد .
وعمدة الفريق الثاني أن عبودية الاب هي كموته فوجب أن ينتقل الولاء إلى أبي الاب ، ولا خلاف بين من يقول
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 296