اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 283
الميت ، فالذي هو أصل لاصله أولى من الذي هو فرع لاصله ، ولذلك
لا معنى لقول من قال إن الاخ يدلي بالبنوة ، والجد يدلي بالابوة ، فإن الاخ
ليس ابنا للميت وإنما هو ابن أبيه ، والجد أبو الميت ، والبنوة إنما هي
أقوى في الميراث من الابوة في الشخص الواحد بعينه أعني الموروث .
وأما البنوة التي تكون لاب موروث ، فليس يلزم أن تكون في حق الموروث
أقوى من الابوة التي تكون لاب الموروث ، لان الابوة التي لاب الموروث هي
أبوة ما للموروث أعني بعيدة وليس البنوة التي لاب الموروث بنوة ما للموروث
لا قريبة ولا بعيدة ، فمن قال : الاخ أحق من الجد ، لان يدلي بالشئ الذي من
قبله كان الميراث بالبنوة وهو الاب والجد يدلي بالابوة هو قول غالط مخيل ،
لان الجد أب ما ، وليس الاخ ابنا ما .
وبالجملة الاخ لاحق من لواحق الميت ، وكأنه أمر عارض والجد سبب من أسبابه ، والسبب أملك للشئ من لاحقه .
واختلف الذين ورثوا الجد مع الاخوة في كيفية ذلك .
فتحصيل مذهب زيد في ذلك أنه لا يخلو أن يكون معه سوى الاخوة ذو فرض
مسمى أو لا يكون ، فإن لم يكن معه ذو فرض مسمى ، أعطي الافضل له من اثنين :
إما ثلث المال ، وإما أن يكون كواحد من الاخوة الذكور ، وسواء أكان الاخوة
ذكرانا أو إناثا أو الامرين جميعا فهو مع الاخ الواحد يقاسمه المال ،
وكذلك مع الاثنين ، ومع الثلاثة والاربعة يأخذ الثلث ، وهو مع الاخت
الواحدة إلى الاربع يقاسمهن للذكر مثل حظ الانثيين ، ومع الخمس أخوات له
الثلث ، لانه أفضل له من المقاسمة ، فهذه هي حاله مع الاخوة فقط دون غيرهم .
وأما إن كان معهم ذو فرض مسمى فإنه يبدأ بأهل الفروض فيأخذون فروضهم
، فما بقي أعطي الا فضله من ثلاث : إما ثلث ما بقي بعد حظوظ ذوي الفرائض ،
وإما أن يكون بمنزلة ذكر من الاخوة ، وإما أن يعطى السدس من رأس المال لا
ينقص منه ، ثم ما بقي يكون للاخوة للذكر مثل حظ الانثيين في الاكدرية - على
ما سنذكر مذهبه فيها مع سائر مذاهب العلماء .
وأما علي ( رضي الله عنه ) فكان يعطي الجد الا حظي له من السدس ، أو
المقاسمة ، وسواء أكان مع الجد والاخوة غيرهم من ذوي الفرائض أو لم يكن ،
وإنما لم ينقصه من السدس شيئا ، لانهم لما أجمعوا أن الابناء لا ينقصونه
منه شيئا كان أحرى أن لاينقصه الاخوة .
وعمدة قول زيد أنه لما كان يحجب الاخوة للام فلم يحجب عما يجب لهم
وهو الثلث ، وبقول زيد قال مالك ، والشافعي ، والثوري ، وجماعة ، وبقول علي
( رضي الله عنه ) قال أبو حنيفة .
وأما الفريضة التي تعرف بالاكدرية وهي امرأة توفيت وتركت زوجا وأما
وأختا شقيقة وجدا فإن العلماء اختلفوا فيها ، فكان عمر رضي الله عنه وابن
مسعود يعطيان للزوج النصف ، وللام السدس ، وللاخت النصف ، وللجد السدس ،
وذلك على جهة العول .
وكان علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) وزيد يقولان : للزوج النصف ،
وللام الثلث ، وللاخت النصف ، وللجد السدس فريضة ، إلا أن زيدا يجمع سهم
الاخت والجد ، فيقسم ذلك بينهم
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 283