اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 269
الشافعي وأبي حنيفة من شروط الصحة .
وقال أحمد وأبو ثور : تصح الهبة بالعقد ، وليس القبض من شروطها أصلا ، لا من شرط تمام ولا من شرط صحة ، وهو قول أهل الظاهر .
وقد روي عن أحمد بن حنبل أن القبض من شروطها في المكيل والموزون .
فعمدة من لم يشترط القبض في الهبة تشبيهها بالبيع ، وأن الاصل في
العقود أن لا قبض مشترط في صحتها حتى يقوم الدليل على اشتراط القبض .
وعمدة من اشترط القبض أن ذلك مروي عن أبي بكر رضي الله عنه في حديث هبته لعائشة المتقدم .
وهو نص في اشتراط القبض في صحة الهبة .
وما روى مالك عن عمر أيضا أنه قال : ما بال رجال ينحلون أبناءهم
نحلا ثم يمسكونها ، فإن مات ابن أحدهم قال : مالي بيدي لم أعطه أحدا وإن
مات قال : هو لابني قد كنت أعطيته إياه فمن نحل نحلة فلم يجزها الذي نحلها
للمنحول له وأبقاها حتى تكون إن مات لورثته فهي باطلة ، وهو قول علي ،
قالوا : وهو إجماع من الصحابة ، لانه لم ينقل عنهم في ذلك خلاف .
وأما مالك فاعتمد الامرين جميعا : أعني القياس وما روي عن الصحابة ،
وجمع بينهما ، فمن حيث هي عقد من العقود لم يكن عنده شرطا من شروط صحتها
القبض ، ومن حيث شرطت الصحابة فيه القبض لسد الذريعة التي ذكرها عمر جعل
القبض فيها من شرط التمام ، ومن حق الموهوب له ، وأنه إن تراخى حتى يفوت
القبض بمرض أو إفلاس على الواهب سقط حقه .
وجمهور فقهاء الامصار على أن الاب يحوز لابنه الصغير الذي في ولاية
نظره وللكبير السفيه الذي ما وهبه كما يجوز لهما ما وهبه غيره لهما ، وأنه
يكفي في الحيازة له إشهاده بالهبة والاعلان بذلك ، وذلك كله فيما عدا الذهب
والفضة وفيما لا يتعين .
والاصل في ذلك عندهم ما رواه مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن
عثمان بن عفان قال : من نحل ابنا له صغيرا لم يبلغ أن يحوز نحلته فأعلن
ذلك وأشهد عليه فهي حيازة وإن وليها .
وقال مالك وأصحابه : لا بد من الحيازة في المسكون والملبوس ، فإن
كانت دارا سكن فيها خرج منها ، وكذلك الملبوس إن لبسه بطلت الهبة ، وقالوا
في سائر العروض بمثل قول الفقهاء ، أعني أنه يكفي في ذلك إعلانه وإشهاده .
وأما الذهب والورق فاختلفتالرواية فيه عمالك ، فروي عنه أنه لا يجوز
إلا أن يخرجه الاب عن يده إلى يد غيره ، وروي عنه أنه يجوز إذا جعلها في
ظرف أو إناء وختم عليها بخاتم وأشهد على ذلك الشهود .
ولا خلاف بين أصحاب مالك أن الوصي يقوم في ذلك مقام الاب .
واختلفوا في الام ، فقال ابن القاسم : لا تقوم مقام الاب ، ورواه عن
مالك ، وقال غيره من أصحابه : تقوم ، وبه قال أبو حنيفة ، وقال الشافعي :
الجد بمنزلة الاب ، والجدة عند ابن وهب أم الام تقوم مقام الام ، والام
عنده تقوم مقام الاب .
القول في أنواع الهبات
والهبة منها ما هي هبة عين ، ومنها ما هي هبة منفعة .
وهبة العين منها ما يقصد بها الثواب ، ومنها ما لا يقصد بها الثواب .
والتي يقصد بها الثواب منها ما يقصد بها وجه الله ، ومنها ما يقصد
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 269