اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 250
واختلفوا في قدر ما يعرف ، فقيل سنة ، وقيل أياما .
وأما الثالث : فهو أن يكون كثيرا أو له قدر .
فهذا لا اختلاف في وجوب تعريفه حولا .
وأما القسم الثاني : وهو ما لا يبقى بيد ملتقطه ويخشى عليه التلف ،
فإن هذا يأكله غنيا كان أم فقيرا ، وهل يضمن ، فيه روايتان كما قلنا الاشهر
أن لا ضمان عليه ، واختلفوا إن وجد ما يسرع إليه الفساد في الحاضرة فقيل
لا ضمان عليه ، وقيل عليه الضمان ، وقيل بالفرق بين أن يتصدق به فلا يضمن
أو يأكله فيضمن .
وأما القسم الثالث : فهو كالابل ، أعني أن الاختيار عنده فيه الترك
للنص الوارد في ذلك ، فإن أخذها وجب تعريفها ، والاختيار تركها ، وقيل في
المذهب هو عام في جميع الازمنة ، وقيل إنما هو زمان العدل ، وأن الفضل في
زمان غير العدل التقاطها وأما ضمانها في الذي تعرف فيه ، فإن العلما اتفقوا
على أن من التقطها وأشهد على التقاطها فهلكت عنده أنه غير ضامن واختلفوا
إذا لم يشهد ، فقال مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد بن الحسنلا ضمان عليه إن
لم يضيع وإن لم يشهد ، وقال أبو حنيفة وزفر : يضمنها إن هلكت ولم يشهد .
واستدل مالك والشافعي بأن اللقطة وديعة فلا ينقلها ترك الاشهاد من
الامانة إلى الضمان ، قالوا : وهي وديعة بما جاء من حديث سليمان بن بلال
وغيره أنه قال : إن جاء صاحبها وإلا فلتكن وديعة عندك .
واستدل أبو حنيفة وزفر بحديث مطرف بن الشخير عن عياض بن حمار قال :
قال رسول الله ( ص ) : من التقط لقطة فليشهد ذوي عدل عليه ولا يكتم ولا
يعنت ، فإن جاء صاحبها فهو أحق بها ، وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء .
وتحصيل المذهب في ذلك أن واجد اللقطة عند مالك لا يخلو التقاطه لها من ثلاثة أوجه : أحدها : أن يأخذها على جهة الاغتيال لها .
والثاني : أن يأخذها على جهة الالتقاط .
والثالث : أن يأخذها لا على جهة الالتقاط ولا على جهة الاغتيال ،
فإن أخذها على جهة الالتقاط فهي أمانة عنده عليه حفظها وتعريفها ، فإن ردها
بعد أن التقطها فقال ابن القاسم : يضمن ، وقال أشهب : لا يضمن إذا ردها في
موضعها ، فإردها في غير موضعها ضمن كالوديعة ، والقول قوله في تلفها دون
يمين إلا أن يتهم .
وأما إذا قبضها مغتالا لها فهو ضامن لها ، ولكن لا يعرف هذا الوجه إلا من قبله .
وأما الوجه الثالث فهو مثل أن يجد ثوبا فيأخذه ، وهو يظنه لقوم بين
يديه ليسألهم عنه ، فهذا إن لم يعرفوه ولا ادعوه كان له أن يرده حيث وجده
ولا ضمان عليه باتفاق عند أصحاب مالك .
وتتعلق بهذاالباب مسألة اختلف العلماء فيها ، وهو العبد يستهلك
اللقطة ، فقال مالك : إنها في رقبته إما إن يسلمه سيده فيها ، وإما أن
يفديه بقيمتها ، هذا إذا كان استهلاكه قبل الحول ، فإن استهلكها بعد الحول
كانت دينا عليه ولم تكن في رقبته ، وقال الشافعي : إن علم بذلك السيد فهو
الضامن ، وإن لم يعلم بها السيد كانت في رقبة العبد .
واختلفوا هل يرجع الملتقط بما أنفق على اللقطة على صاحبها أم لا ؟ فقال الجمهور : ملتقط اللقطة متطوع
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 250