فأما الالتقاط فاختلف العلماء هل هو أفضل أم الترك ؟ فقال أبو حنيفة
: الافضل الالتقاط ، لانه من الواجب على المسلم أن يحفظ مال أخيه المسلم .
وبه قال الشافعي ، وقال مالك وجماعة بكراهية الالتقاط ، وروي عن ابن
عمر وابن عباس ، وبه قال أحمد ، وذلك لامرين : أحدهما ما روي أنه ( ص )
قال : ضالة المؤمن حرق النار ولما يخاف أيضا من التقصير في القيام بما يجب
لها من التعريف وترك التعدي عليها ، وتأول الذين رأوا الالتقاط أول الحديث
وقالوا : أراد بذلك الانتفاع بها لا أخذها للتعريف ، وقال قوم : بل لقطها
واجب .
وقد قيل إن هذا الاختلاف إذا كانت اللقطة بين قوم مأمونين والامام عادل .
قالوا : وإن كانت اللقطة بين قوم غير مأمونين والامام عادل فواجب التقاطها .
وإن كانت بين قوم مأمونين والامام جائز فالافضل إن لا يلتقطها .
وإن كانت بين قوم غير مأمونين والامام غير عادل فهو مخير بحسب ما
يغلب على ظنه من سلامتها أكثر من أحد الطرفين ، وهذا كله ما عدا لقطة الحاج
، فإن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز التقاطها لنهيه عليه الصلاة والسلام
عن ذلك ، ولقطة مكة أيضا لا يجوز التقاطها إلا لمنشد لورود النص في ذلك ،
والمروي في ذلك لفظان : أحدهما : أنه لا ترفع لقطتها إلا لمنشد .
والثاني : لا يرفع لقتطها إلا منشد ، فالمعنى الواحد أنها لا ترفع
إلا لمن ينشدها ، والمعنى الثاني لا يلتقطها إلا من ينشدها ليعرف الناس .
وقال مالك : تعرف هاتان اللقطتان أبدا .
فأما الملتقط فهو كل حر مسلم بالغ لانها ولاية ، واختلف عن الشافعي في جواز التقاط الكافر .
قال أبو حامد : والاصح جواز ذلك في دار الاسلام .
قال : وفي أهلية العبد والفاسق له قولان : فوجه المنع عدم أهلية الولاية ، ووجه الجواز عموم أحاديث اللقطة .
وأما اللقطة بالجملة فإنها كل مال لمسلم معرض للضياع كانذلك في عامر
الارض أو غامرها ، والجماد والحيوان في ذلك سواء إلا الابل باتفاق .
والاصل في اللقطة حديث يزيد بن خالد الجهني .
وهو متفق على صحته أنه قال : جاء رجل إل
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 247