اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 239
كتاب الكفالة
اختلف العلماء في نوعها وفي وقتها ، وفي الحكم اللازم عنها ، وفي
شروطها ، وفي صفة لزومها ، وفي محلها ، ولها أسماء : كفالة ، وحمالة ،
وضمانة ، وزعامة ، فأما أنواعها فنوعان : حمالة بالنفس ، وحمالة بالمال .
أما الحمالة بالمال فثابتة بالسنة ومجمع عليها من الصدر الاول ومن فقهاء الامصار .
وحكي عن قوم أنها ليست لازمة تشبيها بالعدة وهو شاذ .
والسنة التي صار إليها الجمهور في ذلك هو قوله عليه الصلاة والسلام : الزعيم غارم .
وأما الحمالة بالنفس وهي التي تعرف بضمان الوجه ، فجمهور فقهاء الامصار على جواز وقوعها شرعا إذا كانت بسبب المال .
وحكي عن الشافعي في الجديد أنها لا تجوز ، وبه قال داود ، وحجتهما قوله تعالى :
﴿ قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ﴾
ولانها كفالة بنفس فأشبهت الكفالة في الحدود .
وحجة منأجازها عموم قوله عليه الصلاة والسلام : الزعيم غارم وتعلقوا بأن ذلك مصلحة ، وأنه مروي عن الصدر الاول .
وأما الحكم اللازم عنها ، فجمهور القائلين بحمالة النفس متفقون على
أن المتحمل عنه إذا مات لم يلزم الكفيل بالوجه شئ ، وحكي عن بعضهم لزوم ذلك
.
وفرق ابن القاسم بين أن يموت الرجل حاضرا أو غائبا فقال : إن مات
حاضرا لم يلزم الكفيل شئ ، وإن مات غائبا نظر ، فإن كانت المسافة التي بين
البلدين مسافة يمكن الحميل فيها إحضاره في الاجل المضروب له في إحضاره ،
وذلك في نحو اليومين إلى الثلاثة ففرط غرم وإلا لم يغرم .
واختلفوا إذا غاب المتحمل عنه ما حكم الحميل بالوجه ؟ على ثلاثة
أقوال : القول الاول : أنه يلزمه أن يحضره أو يغرم ، وهو قول مالك وأصحابه
وأهل المدينة .
والقول الثاني : أنه يحبس الحميل إلى أن يأتي به أو يعلم موته ، وهو قول أبي حنيفة وأهل العراق .
والقول الثالث : أنه ليس عليه إلا أن يأتي به إذا علم موضعه ، ومعنى
ذلك أن لا يكلف إحضاره إلا مع العلم بالقدرة على إحضاره ، فإن ادعى الطالب
معرفة موضعه على الحميل ، وأنكر الحميل كلف الطالب بيان ذلك .
قالوا : ولا يحبس الحميل إلا إذا كان المحتمل عنه معلوم الموضع ،
فيكلف حينئذ إحضاره ، وهذا القول حكاه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه في
الفقه عن جماعة من الناس ، واختاره .
وعمدة مالك أن المتحم
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 239