اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 23
جهل أو عذر ، فالذي يفسد لعينه فمثل الخمر والخنزير وما لا يجوز
أن يتملك ، والذي يفسد من قبل العذر والجهل فالاصل فيه بالبيوع ، وفي ذلك
خمس مسائل مشهورة : المسألة الاولى : إذا كان الصداق خمرا أو خنزيرا أو
ثمرة لم يبد صلاحها أو بعيرا شاردا ، فقال أبو حنيفة : العقد صحيح إذا وقع
فيه مهر المثل .
وعن مالك في ذلك روايتان : إحداهما : فساد العقد وفسخه قبل الدخول وبعده وهو قول أبي عبيد .
والثانية : أنه إن دخل ثبت ولها صداق المثل .
وسبب اختلافهم : هل حكم النكاح في ذلك حكم البيع أم ليس كذلك ؟ فمن
قال حكمه حكم البيع قال : يفسد النكاح بفساد الصداق كما يفسد البيع بفساد
الثمن ، ومن قال ليس من شرط صحة عقد النكاح صحة الصداق بدليل أن ذكر الصداق
ليس شرطا في صحة العقد قال : يمضي النكاح ويصحح بصداق المثل .
والفرق بين الدخول وعدمه ضعيف ، والذي تقتضيه أصول مالك أن يفرق بين
الصداق المحرم العين وبين المحرم لصفة فيه قياسا على البيع ، ولست أذكر
الآن فيه نصا .
المسألة الثانية : واختلفوا إذا اقترن بالمهر بيع مثل أن تدفع إليه
عبدا ويدفع ألف درهمعن الصداق وعن ثمن العبد ، ولا يسمى الثمن من الصداق ،
فمنعه مالك وابن القاسم ، وبه قال أبو ثور .
وأجازه أشهب ، وهو قول أبي حنيفة .
وفرق عبد الله فقال : إن كان الباقي بعد البيع ربع دينار فصاعدا
بأمر لا يشك فيه جاز ، واختلف فيه قول الشافعي ، فمرة قال : ذلك جائز ،
ومرة قال : فيه مهر المثل .
وسبب اختلافهم : هل النكاح في ذلك شبيه بالبيع أم ليس بشبيه ؟ فمن
شبهه في ذلك بالبيع منعه ، ومن جوز في النكاح من الجهل ما لا يجوز في البيع
قال يجوز .
المسألة الثالثة : واختلف العلماء فيمن نكح امرأة واشترط عليه في
صداقها حباء يحابي به الاب على ثلاثة أقوال : فقال أبو حنيفة وأصحابه :
الشرط لازم والصداق صحيح ، وقال الشافعي : المهر فاسد ولها صداق المثل ،
وقال مالك : إذا كان الشرط عند النكاح فهو لابنته ، وإن كان بعد النكاح فهو
له .
وسبب اختلافهم : تشبيه النكاح في ذلك بالبيع ، فمن شبهه بالوكيل
يبيع السلعة ويشترط لنفسه حباء قال : لا يجوز النكاح كما لا يجوز البيع ،
ومن جعل النكاح في ذلك مخالفا للبيع قال : يجوز .
وأما تفريق مالك فلانه اتهمه إذا كان الشرط في عقد النكاح أن يكون
ذلك الذي اشترطه لنفسه نقصانا من صداق مثلها ، ولم يتهمه إذا كان بعد
انعقاد النكاح والاتفاق على الصداق .
وقول مالك هو قول عمر بن عبد العزيز والثوري وأبي عبيد .
وخرج أبو داود والنسائي وعبد الرزاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
قال : قال رسول الله ( ص ) أيما امرأة نكحت على حباء قبل عصمة النكاح فهو
لها ، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه ، وأحق ما أكرم الرجل عليه
ابنته وأخته وحديث عمرو بن شعيب مختلف فيه من قبل أنه صحفه ، ولكنه نص في
قول مالك ، وقال أبو عمر بن عبد البر : إذا روته
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 23