اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 210
أخذ ذلك القدر ، مثل أن يدفع الشقص في موضحة وجبت عليه أو منقلة ، فإنه يأخذه بدية الموضحة أو المنقلة .
وأما كم يأخذ ؟ فإن الشفيع لا يخلو أن يكون واحدا أو أكثر ،
والمشفوع عليه أيضا لا يخلو أن يكون واحدا أو أكثر ، فأما أن الشفيع واحد
والمشفوع عليه واحد فلا خلاف في أن الواجب على الشفيع أن يأخذ الكل أو يدع ،
وأما إذا كان المشفوع عليه واحدا والشفعاء أكثر من واحد فإنهم اختلفوا من
ذلك في موضعين : أحدهما : في كيفية قسمة المشفوع فيه بينهم .
والثاني : إذا اختلف أسباب شركتهم هل يحجب بعضهم بعضا عن الشفعة أم
لا ؟ مثل أن يكون بعضهم شركاء في المال الذي ورثوه لانهم أهل سهم واحد ،
وبعضهم لانهم عصبة .
فأما
المسألة الاولى : وهي كيفية
توزيع المشفوع فيه ، فإن مالكا والشافعي وجمهور أهل المدينة يقولون :
إن المشفوع فيه يقتسمونه بينهم على قدر حصصهم ، فمن كان نصيبه من أصل
المال الثلث مثلا أخذ من الشقص بثلث الثمن ، ومن كان نصيبه الربع أخذ الربع
.
وقال الكوفيون : هي على عدد الرؤوس على السواء ، وسواء فذلك الشريك ذو الحظ الاكبر وذو الحظ الاصغر .
وعمدة المدنيين أن الشفعة حق يستفاد وجوبه بالملك المتقدم ، فوجب أن
يتوزع على مقدار الاصل ، أصله الاكرية في المستأجرات المشتركة والربح في
شركة الاموال ، وأيضا فإن الشفعة إنما هي لازالة الضرر ، والضرر داخل على
كل واحد منهم على غير استواء ، لانه إنما يدخل على كل واحد منهم بحسب حصته ،
فوجب أن يكون استحقاقهم لدفعه على تلك النسبة .
وعمدة الحنفية أن وجوب الشفعة إنما يلزم بنفس الملك فيستوفي ذلك أهل
الحظوظ المختلفة لاستوائهم في نفس الملك ، وربما شبهواذلك بالشركاء في
العبد يعتق بعضهم نصيبه أنه يقوم على المعتقين على السوية : أعني حظ من لم
يعتق .
وأما المسألة الثانية : فإن الفقهاء اختلفوا في دخول الاشراك الذين
هم عصبة في الشفعة مع الاشراك الذين شركتهم من قبل السهم الواحد فقال مالك :
أهل السهم الواحد أحق بالشفعة إذا باع أحدهم من الاشراك معهم في المال من
قبل التعصيب ، وأنه لا يدخل ذو العصبة في الشفعة على أهل السهام المقدرة
ويدخل ذوو السهام على ذوي التعصيب ، مثل أن يموت ميت فيترك عقارا ترثه عنه
بنتان وابنا عم ثم تبيع البنت الواحدة حظها ، فإن البنت الثانية عند مالك
هي التي تشفع في ذلك الحظ الذي باعته أختها فقط دون ابني العم ، وإن باع
أحد ابني العم نصيبه يشفع فيه البنات وابن العم الثاني ، وبهذا القول قال
ابن القاسم .
وقال أهل الكوفة : لا يدخل ذوو السهام على العصبات ولا العصبات على
ذوي السهام ، ويتشافع أهل السهم الواحد فيما بينهم خاصة ، وبه قال أشهب .
وقال الشافعي في أحد قوليه : يدخل ذوو السهام على العصبات والعصبات على ذوي السهام ، وهو الذي
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 210