اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 199
عليه ، وقال الشافعي : ذلك جائز .
وحجة من أجاز المساقاة عليهما جميعا - أعني على الارض بجزء مما يخرج
منها - حديث ابن عمر المتقدم ، وحجة من لم يجز ذلك ما روي من النهي عن
كراء الارض بما يخرج منها في حديث رافع بن خديج ، وقد تقدم ذلك ، وقال أحمد
بن حنبل : أحاديث رافع مضطربة الالفاظ ، وحديث ابن عمر أصح .
وأما تحديد مالك ذلك بالثلث فضعيف ، وهو استحسان مبني على غير
الاصول ، لان الاصول تقتضي أنه لا يفرق بين الجائز من غير الجائز بالقليل
والكثير من الجنس الواحد .
ومنها اختلافهم في المساقاة في البقل ، فأجازها مالك والشافعي
وأصحابه ومحمد بن الحسن ، وقال الليث : لا تجوز المساقاة في البقل ، وإنما
أجازها الجمهور لان العامل وإن كان ليس عليه فيها سقي فيبقى عليه أعمال أخر
، مثل الابار وغير ذلك ، وأما الليث فيرى السقي بالماء هو الفعل الذي
تنعقد عليه المساقاة ولمكانه وردت الرخصة فيها .
الركن الثاني : وأما الركن الذي هو العمل
، فإن العلماء بالجملة أجمعوا على أن الذي يجب على العامل هو السقي والابار .
واختلفوا في الجذاذ على من هو ؟ وفي سدالحظار وتنقية العين والسانية .
أما مالك فقال في الموطأ : السنة في المساقاة التي يجوز لرب الحائط
أن يشترطه سد الحظار وخم العين وشرب الشراب وإبار النخل وقطع الجريد وجذ
الثمر ، هذا وأشباهه هو على العامل ، وهذا الكلام يحتمل أن يفهم منه دخول
هذه في المساقاة بالشرط ، ويمكن أن يفهم منه دخولها فيها بنفس العقد .
وقال الشافعي : ليس عليهسد الحظار لانه ليس من جنس ما يؤثر في زيادة الثمرة مثل الابار والسقي .
وقال محمد بن الحسن : ليس عليه تنقية السواني والانهار .
وأما الجذاذ فقال مالك والشافعي : هو على العامل ، إلا أن مالكا قال
: إن اشترطه العامل على رب المال جاز ، وقال الشافعي : لا يجوز شرطه
وتنفسخ المساقاة إن وقع ، وقال محمد بن الحسن : الجذاذ بينهما نصفان ، وقال
المحصلون من أصحاب مالك : إن العمل في الحائط على وجهين : عمل ليس في
إصلاح الثمرة ، وعمل له تأثير في إصلاحها ، والذي له تأثير في إصلاحها منه
ما يتأبد ويبقى بعد الثمر ومنه ما لا يبقى بعد الثمر .
فأما الذي ليس له تأثير في إصلاح الثمر فلا يدخل في المساقاة لا بنفس العقد ولا بالشرط إلا الشئ اليسير منه .
وأما ما له تأثير في إصلاح الثمر ويبقى بعد الثمر فيدخل عنده بالشرط
في المساقاة لا بنفس العقد ، مثل إنشاء حفر بئر ، أو إنشاء ظفيرة للماء ،
أو إنشاء غرس ، أو إنشاء بيت يجنى فيه الثمر .
وأما ما له تأثير في إصلاح الثمر ولا يتأبد ، فهو لازم بنفس العقد ، وذلك مثل الحفر والسقي وزبر
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 199