اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 198
لان المساقاة تقتضي جواز ذلك ، وهو خاص أيضا في بعض روايات
أحاديث المساقاة ، ولهذا المعنى لم يقل بهذه الزيادة مالك ولا الشافعي ،
أعني بما جاء من أنه ( ص ) ساقاهم على نصف ما تخرجه الارض والثمرة وهي
زيادة صحيحة وقال بها أهل الظاهر .
القول في صحة المساقاة والنظر في الصحة راجع إلى النظر في أركانها ، وفي وقتها ، وفي شروطها المشترطة في أركانها .
وأركانها أربعة : المحل المخصوص بها ، والجزء الذي تنعقد عليه .
وصفة العمل الذي تنعقد عليه .
والمدة التي تجوز فيها وتنعقد عليها .
الركن الاول : في محل المساقاة
: واختلفوا في محل المساقاة ، فقال داود : لا تكون المساقاة إلا في
النخيل فقط ، وقال الشافعي : في النخل والكرم فقط ، وقال مالك : تجوز في كل
أصل ثابت كالرمان والتين والزيتون وما أشبه ذلك من غير ضرورة ، وتكون في
الاصول غير الثابتة كالمقاثئ والبطيخ مع عجز صاحبها عنها ، وكذلك الزرع ،
ولا تجوز في شئ من البقول عند الجميع إلا ابن دينار ، فإنه أجازها فيه إذا
نبتت قبل أن تستغل .
فعمدة من قصره على النخل أنها رخصة ، فوجب أن لا يتعدى بها محلها الذي جاءت فيه السنة .
وأما مالك فرأى أنها رخصة ينقدح فيها سبب عام ، فوجب تعدية ذلك إلى الغير .
وقد يقاس على الرخص عند قوم إذا فهم هنالك أسباب أعم من الاشياء
التي علقت الرخص بالنص بها ، وقوم منعوا القيا س على الرخص ، وأما داود فهو
يمنع القياس على الجملة ، فالمساقاة على أصوله مطردة ، وأما الشافعي فإنما
أجازها في الكرم من قبل أن الحكم في المساقاة هو بالخرص ، وقد جاء في حديث
عتاب بن أسيد الحكم بالخرص في النخل والكرم وإن كان ذلك في الزكاة ، فكأنه
قاس المساقاة في ذلك على الزكاة ، والحديث الذي ورد عن عتاب بن أسيد هو أن
رسول الله ( ص ) بعثه وأمره أن يخرص العنب وتؤدي زكاته زبيبا ، كما تؤدي
زكاة النخل تمرا ودفع داود حديث عتاب بن أسيد لانه مرسل ، ولانه انفرد به
عبد الرحمن بن إسحاق وليس بالقوي .
واختلفوا إذا كان مع النخل أرض بيضاء أو مع الثمار ، هل يجوز أن
تساقى الارض مع النخل بجزء من النخل أو بجزء من النخل وبجزء مما يخرج من
الارض ؟ فذهب إلى جواز ذلك طائفة ، وبه قال صاحبا أبي حنيفة والليث
وأحمدوالثوري وابن أبي ليلى وجماعة ، وقال الشافعي وأهل الظاهر : لا تجوز
المساقاة إلا في الثمر فقط ، وأما مالك فقال : إذا كانت الارض تبعا للثمر
وكان الثمر أكثر ذلك ، فلا بأس بدخولها في المساقاة ، اشترط جزءا خارجا
منها أو لم يشترطه ، وحد ذلك الجزء بأن يكون الثلث فما دونه ، أعني أن يكون
مقدار كراء الارض الثلث من الثمر فما دونه ، ولم يجز أن يشترط رب الارض أن
يزرع البياض لنفسه ، لانها زيادة ازدادها
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 198