اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 196
مالك .
والرابع : أنه يرد إللى قراض مثله في كل منفعة اشترطها أحد
المتقارضين على صاحبه في المال مما ليس ينفرد أحدهما بها عن صاحبه ، وإلى
إجارة مثله في كل منفعة اشترطها أحد المتقارضين خالصة لمشترطها مما ليست في
المال وفي كل قراض فاسد من قبل الغرر والجهل ، وهو قول مطرف وابن نافع
وابن عبد الحكم وأصبغ ، واختاره ابن حبيب .
وأما ابن القاسم فاختلف قوله في القراضات الفاسدة ، فبعضها وهو الاكثر قال : إن فيها أجرة المثل ، وفي بعضها قال : فيها قراض المثل .
فاختلف الناس في تأويل قوله ، فمنهم من حمل اختلاف قولفيها على
الفرق الذي ذهب إليه ابن عبد الحكم ومطرف ، وهو اختيار ابن حبيب واختيار
جدي - رحمة الله عليه .
ومنهم من لم يعلل قوله وقال : إن مذهبه أن كل قراض فاسد ففيه أجرة
المثل إلا تلك التي نص فيها قراض المثل وهي سبعة : القراض بالعروض ،
والقراض بالضمان ، والقراض إلى أجل ، والقراض المبهم ، وإذا قال له اعمل
على أن لك في المال شركاء ، وإذا اختلف المتقارضان وأتيا بمالا يشبه فحلفا
على دعواهما ، وإذا دفع إليه المال على أن لا يشتري به إلا بالدين فاشترى
بالنقد ، أو على أن لا يشتري إلا سلعة كذا وكذا والسلعةغير موجودة فاشترى
غير ما أمر به .
وهذه المسائل يجب أن ترد إلى علة واحدة ، وإلا فهو اختلاف من قول
ابن القاسم ، وحكى عبد الوهاب عن ابن القاسم أنه فصل فقال : إن كان الفساد
من جهة العقد رد إلى قراض المثل ، وإن كان من جهة زيادة ازدادها أحدهما على
الآخر رد إلى أجرة المثل ، والاشبه أن يكون الامر في هذا بالعكس .
والفرق بين الاجرة وقراض المثل أن الاجرة تتعلق بذمة رب المال سواء
أكان في المال ربح أو لم يكن ، وقراض المثل هو على سنة القراض إن كان فيه
ربح كان للعامل منه ، وإلا فلاشئ له .
القول في اختلاف المتقارضين
واختلف الفقهاء إذا اختلف العامل ورب المال في تسمية الجزء الذي
تقارضا عليه ، فقال مالك : القول قول العامل لانه عنده مؤتمن ، وكذلك الامر
عنده في جميع دعاويه إذا أتى بما يشبه ، وقال الليث : يحمل على قراض مثله ،
وبه قال مالك إذا أتى بما لا يشبه ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : القول قول
رب المال ، وبه قال الثوري ، وقال الشافعي : يتحالفان ويتفاسخان ، ويكون له
أجرة مثله .
وسبب اختلاف مالك وأبي حنيفة : اختلافهم في سبب ورود النص بوجوب
اليمين على المدعى عليه ، هل ذلك لانه مدعى عليه ، أو لانه في الاغلب أقوى
شبهة ؟ فمن قال لانه مدعى عليه قال : القول قول رب المال ، ومن قال لانه
أقواهما شبهة في الاغلب قال : القول قول العامل لانه عنده مؤتمن وأما
الشافعي فقاس اختلافهما على اختلاف المتبايعين في ثمن السلعة .
وهذا كاف في هذا الباب .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 196