اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 195
رب المال ، شبهه بالوكيل ، إلا أنه قال : يكون رأس المال في ذلك
القراض الثمنين ، ولا يقتسمان الربح إلا بعد حصوله عينا : أعني ثمن تلك
السلعة التي تلفت أولا ، والثمن الثاني الذي لزمه بعد ذلك .
واختلفوا في بيع العامل من رب المال بعض سلع القراض ، فكره ذلك مالك
، وأجازه أبو حنيفة على الاطلاق ، وأجازه الشافعي بشرط أن يكونا قد تبايعا
بما لا يتغابن الناس بمثله .
ووجهه ما كره من ذلك مالك أن يكون يرخص له في السلعة من أجل ما
قارضه ، فكأن رب المال أخذ من العامل منفعة سوى الربح الذي اشترط عليه .
ولا أعرف خلافا بين فقهاء الامصار أنه إن تكارى العامل على السلع
إلى بلد فاستغرق الكراء قيم السلع وفضل عليه فضلة أنها على العامل لا على
رب المال ، لان رب المال إنما دفع ماله إليه ليتجر به ، فما كان من خسران
في المال فعليه ، وكذلك ما زاد على المال واستغرقه .
واختلفوا في العامل يستدين مالا فيتجر به مع مال القراض ، فقال مالك
: ذلك لا يجوز ، وقال الشافعي وأبو حنيفة : ذلك جائز ، ويكون الربح بينهما
على شرطهما وحجة مالك أنه كما لا يجوز أن يستدين على المقارضة ، كذلك لا
يجوز أن يأخذ دينا فيها .
واختلفوا هل للعامل أن يبيع بالدين إذا لم يأمره به رب المال ؟ فقال
مالك : ليس له ذلك ، فإن فعل ضمن ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : له
ذلك .
والجميع متفقون على أن العامل إنما يجب له أن يتصرف في عقد القراض
ما يتصرف فيه الناس غالبا في أكثر الاحوال ، فمن رأى أن التصرف بالدين خارج
عما يتصرف فيه الناس في الاغلب لم يجزه ، ومن رأى أنه مما يتصرف فيه الناس
أجازه .
واختلف مالك والشافعي وأبو حنيفة والليث في العامل يخلط ماله بمال
القراض من غير إذن رب المال ، فقال هؤلاء كلهم ما عدا مالكا : هو تعد ويضمن
، وقال مالك : ليس بتعد .
ولم يختلف هؤلاء المشاهير من فقهاء الامصار أنه إن دفع العامل رأس
مال القراض إلى مقارض آخر أنه ضامن إن كان خسران ، وإن كان ربح فذلك على
شرطه ، ثم يكون للذي عمل شرطه على الذي دفع إليه ، فيوفيه حظه مما بقي من
المال ، وقال المزني عن الشافعي : ليس له إلا أجرة مثله ، لانه عمل على
فساد .
القول في حكم القراض الفاسد
واتفقوا على أن حكم القراض الفاسد فسخه ورد المال إلى صاحبه ما لم يفت بالعمل .
واختلفوا إذا فات بالعمل ما يكون للعامل فيه في واجب عمله على أقوال
: أحدها : أنه يرد جميعه إلى قراض مثله ، وهي رواية ابن الماجشون عن مالك ،
وهو قوله وقول أشهب .
والثاني : أنه يرد جميعه إلى إجارة مثله ، وبه قال الشافعي وأبو
حنيفة وعبد العزيز بن أبي سلمة من أصحاب مالك ، وحكى عبد الوهاب أنها رواية
عن مالك .
والثالث : أنه يرد إلى قراض مثله ما لم يكن أكثر مما سماه ، وإنما
له الاقل مما سمى أو قراض مثله إن كان رب المال هو مشترط الشرط على المقارض
، أو الاكثر من قراض مثله ، أو من الجزء الذي سمي له إن كان المقارض هو
مشترط الشرط الذي يقتضي الزيادة التي من قبلها فسد القراض ، وهذا القول
يتخرج رواية عن
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 195