اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 180
إنما يزرع ثلاثة : رجل له أرض فيزرعها ، ورجل منح أرضا فهو يزرع
ما منح ، ورجل اكترى بذهب أو فضة قالوا : فلا يجوز أن يتعدى ما في هذا
الحديث والاحاديث الاخر مطلقة وهذا مقيد ، ومن الواجب حمل المطلق على
المقيد .
وعمدة من أجاز كراءها بكل شئ ما عدا الطعام ، وسواء أكان الطعام
مدخرا أو لم يكن : حديث يعلى بن حكيم عن سليمان بن يسار عن رافع بن خديج
قال : قال رسول الله ( ص ) : من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا
يكرها بثلث ولا ربع ولا بطعام معين قالوا : وهذا هو معنى المحاقلة التي نهى
رسول الله ( ص ) عنها ، وذكروا حديث سعيد بن المسيب مرفوعا وفيه :
والمحاقلة استكراء الارض بالحنطة .
قالوا : وأيضا فإنه من بيع الطعام بالطعام نسيئة .
وعمدة من لم يجز كراءها بالطعام ولا بشئ مما يخرج منها ، أما بالطعام فحجته حجة من لو يجز كراءها بالطعام .
وأما حجته على منع كرائها مما تنبت فهو ما ورد من نهيه ( ص ) عن
المخابرة ، قالوا : وهي كراء الارض بما يخرج منها وهذا قول مالك وكل أصحابه
.
وعمدة من أجاز كراءها بجميع العروض والطعام وغير ذلك مما يخرج منها
أنه كراء منفعة معلومة بشئ معلوم ، فجاز قياسا على أجارة سائر المنافع ،
وكأن هؤلاء ضعفوا أحاديث رافع .
روي عن سالم بن عبد الله وغيره في حديث رافع أنهم قالوا : اكترى رافع .
قالوا : وقد جاء في بعض الروايات عنه ما يجب أن يحمل عليها سائرها
قال : كنا أكثر أهل المدينة حقلا ، قال : وكان أحدنا يكري أرضه ويقول : هذه
القطعة لي وهذه لك ، وربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه ، فنهاهم النبي ( ص )
خرجه البخاري .
وأما من لم يجز كراءها بما يخرج منها ، فعمدته النظر والاثر .
أما الاثر : فما ورد من النهي عن المخابرة ، وما ورد من حديث ابن
خديج عن ظهير بن رافع قال : نهانا رسول الله ( ص ) عن أمر كان رفقا بنا ،
فقلت ما قال رسول الله ( ص ) فهو حق قال : دعاني رسول الله ( ص ) فقال : ما
تصنعون بمحاقلكم ؟ قلنا : نؤاجرها على الربع وعلى الاوسق من التمر والشعير
، فقال رسول الله ( ص ) : لا تفعلوا ، ازرعوها أو زارعوها أو أمسكوها وهذا
الحديث اتفق على تصحيحه الامام البخاري ومسلم .
وأما من أجاز كراءها بما يخرج منها فعمدته حديث ابن عمر الثابت : أن
رسول الله ( ص ) دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعملوها من
أموالهم على نصف ما تخرجه الارض والثمرة قالوا : وهذا الحديث أولى من
أحاديث رافع لانها مضطربة المتون ، وإن صحت أحاديث رافع حملناها على
الكراهية لا على الحظر ، بدليل ما خرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس أنه قال :
إن النبي ( ص ) لم ينه عنها ولكن قال : إن يمنح أحدكم أخاه يكن له خيرا من
أن يأخذ منه شيئا قالوا : وقدم معاذ بن جبل اليمن حين بعثه رسول الله ( ص )
وهم يخابرون فأقرهم .
وأما إجارة المؤذن : فإن قوما لم يروا في ذلك بأسا ، وقوما كرهوا ذلك .
والذين كرهواذلك وحرموه احتجوا بما روي عن عثمان بن أبي العاص قال : قال
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 180