اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 175
كتاب بيع العرية اختلف الفقهاء في معنى العرية والرخصة التي أتت
فيها في السنة ، فحكى القاضي أبو محمد عبد الوهاب المالكي أن العرية في
مذهب مالك هي أن يهب الرجل ثمرة نخلة أو نخلات من حائطه لرجل بعينه ، فيجوز
للمعري شراؤها من المعرى له بخرصها تمرا علىشروط أربعة : أحدها : أن تزهى .
والثاني : أن تكون خمسة أوسق فما دون ، فإن زادت فلا يجوز .
والثالث : أن يعطيه التمر الذي يشتريها به عند الجذاذ ، فإن أعطاه نقدا لم يجز .
الرابع : أن يكون التمر من صنف تمر العرية ونوعها ، فعلى مذهب مالك
الرخصة في العرية إنما هي في حق المعرى فقط ، والرخصة فيها إنما هي
استثناؤها من المزابنة ، وهي بيع الرطب بالتمر الجاف الذي ورد النهي عنه ،
ومن صنفي الربا أيضا : أعني التفاضل والنساء ، وذلك أن بيع ثمر معلوم الكيل
بثمر معلوم بالتخمين وهو الخرص ، فيدخله بيع الجنس الواحد متفاضلا ، وهو
أيضا بثمر إلى أجل .
فهذا هو مذهب مالك فيما هي العرية ، وما هي الرخصة فيها ، ولمن
الرخصة فيها ؟ وأما الشافعي فمعنى الرخصة الواردة عنده فيها ليست للمعري
خاصة ، وإنما هي لكل أحد من الناس أراد أن يشتري هذا القدر من الثمر : أعني
الخمسة أوسق أو ما دون ذلك بتمر مثلها ، وروي أن الرخصة فيها إنما هي
معلقة بهذا القدر من التمر لضرورة الناس أن يأكلوا رطبا وذلك لمن ليس عنده
رطب ولا تمر يشتري به الرطب .
والشافعي يشترط في إعطاء التمر الذي تباع به العرية أن يكون نقدا ، ويقول : إن تفرقا قبل القبض فسد البيع .
والعرية جائزة عند مالك في كل ما ييبس ويدخر ، وهي عند الشافعي في
التمر والعنب فقط ولا خلاف في جوازها فيما دون الخمسة الاوسق عند مالك
والشافعي ، وعنهما الخلاف إذا كانت خمسة أوسق ، فروي الجواز عنهما والمنع
والاشهر عند مالك الجواز .
فالشافعي يخالف مالكا في العرية في أربعة مواضع : أحدها : في سبب الرخصة كما قلنا .
والثاني : أن العرية التي رخص فيها ليست هبة ، وإنما سميت هبة على التجوز .
والثالث : في اشتراط النقد عند البيع .
والرابع :
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 175