responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 2  صفحة : 16

المسألة الثانية : وأما قدره

إنهم اتفقوا على أنه ليس لاكثره حدواختلفوا في أقله ، فقال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وفقهاء المدينة من التابعين : ليس لاقله حد ، وكل ما جاز أن يكون ثمنا وقيمة لشئ جاز أن يكون صداقة ، وبه قال ابن وهب من أصحاب مالك ، وقالت طائفة بوجوب تحديد أقله ، وهؤلا اختلفوا ، فالمشهور في ذلك مذهبان : أحدهما : مذهب مالك وأصحابه .

والثاني مذهب أبي حنيفة وأصحابه ، فأما مالك فقال : أقله ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم كيلا من فضة ، أو ما يساوي الدراهم الثلاثة ، أعني دراهم الكيل فقط في المشهور ، وقيل أو ما يساوي أحدهما ، وقال أبو حنيفة : عشرة دراهم أقله ، وقيل خمسة دراهم .

وقيل أربعون درهما .

وسبب اختلافهم : في التقدير سببان : أحدهما : تردده بين أن يكون عوضا من الاعواض يعتبر فيه التراضي بالقليل كان أو بالكثير كالحال في البيوعات ، وبين أن يكون عبادة فيكون مؤقتا ، وذلك أنه من جهة أنه يملك به على المرأة منافعها على الدوام يشبه العوض ، ومن جهة أنه لا يجوز التراضي على إسقاطه يشبه العبادة .

والسبب الثاني : معارضة هذا القياس ، فالمقتضى التحديد لمفهوم الاثر الذي لا يقتضي التحديد .

أما القياس الذي يقتضي التحديد فهو كما قلنا إنه عبادة والعبادات مؤقتة .

وأما الاثر الذي يقتضي مفهومه عدم التحديد فحديث سهل بن سعد الساعدي المتفق على صحته ، وفيه أن رسول الله ( ص ) جاءته امرأة فقالت : يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك .

فقامت قياما طويلا فقام رجل فقال : يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة ، فقال رسول الله ( ص ) : هل معك من شئ تصدقها إياه ؟ فقال : ما عندي إلا إزاري .

فقال رسول الله ( ص ) : إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك فالتمس شيئا ، فقال : لا أجد شيئا ، فقال عليه الصلاة والسلام : التمس ولو خاتما من حديد فالتمس فلم يجد شيئا ، فقال رسول الله ( ص ) : هل معك شئ من القرآن ؟ قال : نعم ، سورة كذا وسورة كذا - لسور سماها - فقال رسول الله ( ص ) : قد أنكحتكها بما معك من القرآن قالوا : فقوله عليه الصلاة والسلام التمس ولو خاتما من حديد دليل على أنه لا قدر لاقله لانه لو كان له قدر لبينه إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ،وهذا الاستدلال بين كما ترى مع أن القياس الذي اعتمده القائلون بالتحديد ليس تسلم مقدماته ، وذلك أنه انبنى على مقدمتين : إحداهما : أن الصداق عبادة .

والثانية : أن العبادة مؤقتة ، وفي كليهما نزاع للخصم ، وذلك أنه قد يلغي في الشرع من العبادات ما ليست مؤقتة ، بل الواجب فيها هو أقل ما ينطلق عليه الاسم .

وأيضا فإنه ليس فيه شبه العبادات خالصا وإنما صار المرجحون لهذا القياس على مفهوم الاثر لاحتمال أن يكون ذلك الاثر خاصا بذلك الرجل لقوله فيه قد أنكحتكها بما معك من القرآن وهذا خلاف للاصول ، وإن كان قد جاء في بعض رواياته أنه قال قم فعلمها لما ذكر أنه معه من القرآن ، فقام فعلمها ، فجاء نكاحا بإجارة ، لكن لما التمسوا أصلا يقيسون عليه قدر

اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 2  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست