اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 141
العفة .
والزواج عند مالك عيب ، وهو من العيوب العائقة عن الاستعمال ، وكذلك
الدين ، وذلك أن العيب بالجملة هو ما عاق فعل النفس أو فعل الجسم وهذا
العائق قد يكون في الشئ وقد يكون من خارج .
وقال الشافعي ليس الدين ولا الزواج بعيب فيما أحسب والحمل في الرائعة عيب عند مالك وفي كونه عيبا في الوخش خلاف في المذهب .
والتصرية عند مالك والشافعي عيب وهو حقن اللبن في الثدي أياما حتى
يوهم ذلك أن الحيوان ذو لبن غزير ، وحجتهم حديث المصراة المشهور ، وهو قوله
( ص ) لا تصروا الابل والبقر ، فمن فعل ذلك فهو بخير النظرين إن شاء
أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر قالوا : فأثبت له الخيار بالرد مع
التصرية ، وذلك دال على كونه عيبا مؤثرا .
قالوا : وأيضا فإنه مدلس ، فأشبه التدليس بسائر العيوب ، وقال أبو
حنيفة وأصحابه ليست التصرية عيبا للاتفاق على أن الانسان إذا اشترى شاة
فخرج لبنها قليلا أن ذلك ليس بعيب .
قالوا : وحديث المصراة يجب أن لا يوجب عملا لمفارقته الاصول ، وذلك
أنه مفارق للاصول من وجوه ، فمنها أنه معارض لقوله عليه الصلاة والسلام
الخراج بالضمان وهو أصل متفق عليه ، ومنها أن فيه معارضة منع بيع طعام
بطعام نسيئة ، وذلك لا يجوز باتفاق ، ومنها أن الاصل في المتلفات إما القيم
وإما المثل ، وإعطاء صاع من تمر في لبن ليس قيمة ولا مثلا .
ومنها بيع الطعام المجهول : أي الجزاف بالمكيل المعلوم ، لان اللبن
الذي دلس به البائع غير معلوم القدر ، وأيضا فإنه يقل ويكثر ، والعوض ههنا
محدود ، ولكن الواجب أن يستثنى هذا من هذه الاصول كلها لموضع صحة الحديث ،
وهذا كأنه ليس من هذا الباب وإنما هو حكم خاص .
ولكن اطرد إليه القول فلنرجع إلى حيث كنا فنقول : إنه لا خلاف عندهم
في العور والعمى وقطع اليد والرجل أنها عيوب مؤثرة ، وكذلك في المرض في أي
عضو كان ، أو كان في جملة البدن ، والشيب في المذهب عيب في الرائعة ، وقيل
لا بأس باليسير منه فيها ، وكذلك الاستحاضة عيب في الرقيق والوخش وكذلك
ارتفاع الحيض عيب في المشهور من المذهب ، والزعر عيب ، وأمراض الحواس
والاعضاء كلها عيب باتفاق .
وبالجملة ، فأصل المذهب أن كل ما أثر في القيمة : أعني نقص منها فهو
عيب ، والبول في الفراش عيب ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : ترد
الجارية به ، ولا يرد العبد به ، والتأنيث في الذكر ، والتذكير في الانثى
عيب هذا كله في المذهب إلا ما ذكرنا فيه الاختلاف
النظر الثاني : وأما شرط العيب الموجب للحكم به
فهو أن يكون حادثا قبل أمد التبايع باتفاق ، أو في العهدة عند من
يقول بها ، فيجب ههنا أن نذكر اختلاف الفقهاء في العهدة فنقول : انفرد مالك
بالقول بالعهدة دون سائر فقهاء الامصار ، وسلفه في ذلك أهلالمدينة الفقهاء
السبعة وغيرهم .
ومعنى العهدة أن كل عيب حدث فيها عند المشتري فهو
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 141