اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 13
وحاجة البنت إلى النكاح إما لعدم النفقة ، وإما لما يخاف عليها من عدم الصون .
وإما للامرين جميعا ، فاتفق المذهب على أنه إذا كانت الغيبة بعيدة
أو كان الاب مجهول الوضع أو أسيرا وكانت في صون وتحت نفقة ، أنها إن لم تدع
إلى التزويج لا تزوج وإن دعت فتزوج عند الاسر وعند الجهل بمكانه .
واختلفوا هل تزوج مع العلم بمكانه أم لا إذا كان بعيدا ، فقيل تزوج وهو قول مالك ، وقيل لا تزوج ، وهو قول عبد الملك وابن وهب .
وأما إن عدمت النفقة أو كانت في غير صون فإنها تزوج أيضا في هذه
الاحوال الثلاثة : أعني في الغيبه البعيدة ، وفي الاسر ، والجهل بمكانه ،
وكذلك إن اجتمع الامران فإذا كانت في غير صون تزوج وإن لم تدع إلى ذلك ،
ولم يختلفوا فيما أحسب أنها لا تزوج في الغيبة القريبة المعلومة لمكان
إمكان مخاطبته ، وليس يبعد بحسب النظر المصلحي الذي انبنى عليه هذا النظر
أن يقال إن ضاق الوقت وخشي السلطان عليها الفساد زوجت وإن كان الموضع قريبا
.
وإذا قلنا إنه تجوز ولاية الابعد مع حضور الاقرب ، فإن جعلت امرأة
أمرها إلى وليين فزوجها كل واحد منهما ، فإنه لا يخلو أن يكون تقدم أحدهما
في العقد على الآخر أو يكونا عقدا معا ، ثم لا يخلو ذلك من أن يعلم المتقدم
أو لا يعلم ، فأما إذا علم المتقدم منهما فأجمعوا على أنها للاول إذا لم
يدخل بها واحد منهما واختلفوا إذا دخل الثاني ، فقال قوم : هي للاول ، وقال
قوم هي للثاني ، وهو قول مالك وابن القاسم ، وبالاول قال الشافعي وابن عبد
الحكم ، وأما إن أنكحاها معا فلا خلاف في فسخ النكاح فيما أعرف .
وسبب الخلاف : في اعتبار الدخول أولا اعتباره معارضة العموم للقياس ،
وذلك أنه قد روي أنه عليه الصلاة والسلام قال : أيما امرأة أنكحها وليان
فهي للاول منهما فعموم هذا الحديث يقتضي أنها للاول دخل بها الثاني أو لم
يدخل ، ومن اعتبر الدخول فتشبيها بفوات السلعة في البيع المكروه وهو ضعيف .
وأما إن لم يعلم الاول فإن الجمهور على الفسخ ، وقال مالك : يفسخ ما
لم يدخل أحدهما ، وقال شريح : تخير فأيهما اختار ت كان هو الزوج ، وهو شاذ
، وقد روي عن عمر بن عبد العزيز.
الموضع الرابع : في عضل الاولياء
: واتفقوا على أنه ليس للولي أن يعضل وليته إذا دعت إلى كف ء وبصداق
مثلها وأنها ترفع أمرها إلى السلطان فيزوجها ما عدا الاب ، فإنهاختلف فيه
المذهب .
واختلفوا بعد هذا الاتفاق فيما هي الكفاءة المعتبرة في ذلك وهل صداق
المثل منها أم لا ؟ وكذلك اتفقوا على أن للمرأة أن تمنع نفسها من إنكاح من
له من الاولياء جبرها إذا لم تكن فيها الكفاءة موجودة كالاب في ابنته
البكر ، أما غير البالغ باتفاق ، والبالغ والثيب الصغيرة باختلاف على ما
تقدم ، وكذلك الوصي في محجوره على القول بالجبر .
فأما الكفاءة فإنهم اتفقوا على أن الدين معتبر في ذلك إلا ما روي عن
محمد بن الحسن من إسقاط اعتبار الدين ، ولم يختلف المذهب أن البكر إذا
زوجها الاب من شارب الخمر وبالجملة من فاسق أن لها أن تمنع نفسها من النكاح
وينظر الحاكم في
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 13