اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 119
إلينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان
سواه قبل أن نبيعه قال أبو عمر : وإن كان مالك لم يرو عن نافع في هذا
الحديث ذكر الجزاف ، فقد روته جماعة وجوده عبد الله بن عمر وغيره ، وهو
مقدم في حفظ حديث نافع .
وعمدة المالكية أن الجزاف ليس فيه حق توفية ، فهو عندهم من ضمان
المشتري بنفس العقد ، وهذا من باب تخصيص العموم بالقياس المظنون العلة ،
وقد يدخل في هذا الباب إجماع العلماء على منع بيع الرجل شيئا لا يملكه ،
وهو المسمى عينة عند من يرى نقله من باب الذريعة إلى الربا .
وأما من رأى منعه من جهة أنه قد لا يمكنه نقله فهو داخل في بيوع
الغرر ، وصورة التذرع منه إلى الربا المنهي عنه أن يقول رجل لرجل : أعطني
عشرة دنانير على أن أدفع لك إلى مدة كذا ضعفها ، فيقول له : هذا لا يصلح ،
ولكن أبيع منك سلعة كذا لسلعة يسميها ليست عنده بهذا العدد ، ثم يعمد هو
فيشتري تلك السلعة فيقبضها له بعد أن كمل البيع بينهما ، وتلك السلعة
قيمتها قريب مما كان سأله أن يعطيه من الدراهم قرضا فيرد عليه ضعفها ، وفي
المذهب في هذا تفصيل ليس هذا موضع ذكره ، ولا خلاف في هذه الصورة التي
ذكرنا أنها غير جائزة في المذهب : أعني إذا تقارا على الثمن الذي يأخذ به
السلعة قبل شرائها ، وأما الدين بالدين ، فأجمع المسلمون على منعه .
واختلفوا في مسائل هل هي منه أم ليست منه ؟ مثل ما كان ابن القاسم
لا يجيز أن يأخذ الرجل من غريمه في دين له عليه تمرا قد بدا صلاحه ولا سكنى
دار ولا جارية تتواضع ، ويراه من باب الدين بالدين .
وكان أشهب يجيز ذلك ويقول : ليس هذا من باب الدين بالدين ، وإنما الدين بالدين ما لم يشرع في أخذ شئ منه .
وهو قياس عند كثير من المالكيين .
وهو قول الشافعي وأبي حنيفة .
ومما أجازه مالك من هذا الباب وخالفه فيه جمهور العلماء ما قاله في
المدونة من أن الناس كانوا يبيعون اللحم بسعر معلوم والثمن إلى العطاء ،
فيأخذ المبتاع كل يوم وزنا معلوما قال : ولم ير الناس بذلك بأسا ، وكذلك كل
ما يبتاع في الاسواق .
وروى ابن القاسم أن ذلك لا يجوز إلا فيما خشي عليه الفساد من الفواكه إذا أخذ جميعه .
وأما القمح وشبهه فلا ، فهذه هي أصول هذا الباب ، وهذا الباب كله إنما حرم في الشرع لمكان الغبن الذي يكون طوعا وعن علم .
الباب الثالث : في البيوع المنهي عنها وهي البيوع المنهي عنها من
قبل الغبن الذي سببه الغرر ، والغرر يوجد في المبيعات من جهة الجهل على
أوجه : إما من جهة الجهل بتعيين المعقود عليه ، أو تعيين العقد ، أو من جهة
الجهل بوصف الثمن والمثمون المبيع ، أو بقدره أو بأجله إن كان هنالك أجل ،
وإما من جهة الجهل بوجوده أو تعذر القدرة عليه ، وهذا راجع إلى تعذر
التسليم ، وإما منجهة الجهل بسلامته : أعني بقاءه ، وههنا بيوع تجمع أكثر
هذه أو بعضها .
ومن البيوع التي
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 119