responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 2  صفحة : 112

مسألة : ومن هذا البا ب اختلافهم في بيع الدقيق بالحنطة مثلا بمثل

فالاشهر عن مالك جوازه ، وهو قول مالك في موطئه ، وروي عنه أنه لا يجوز ، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وابن الماجشون من أصحاب مالك ، وقال بعض أصحاب مالك : ليس هو اختلافا من قوله ، وإنما رواية المنع إذا كان اعتبار المثلية بالكيل ، لان الطعام إذا صار دقيقا اختلف كيله ، ورواية الجواز إذا كان الاعتبار بالوزن ، وأما أبو حنيفة فالمنع عنده في ذلك من قبل أن أحدهما مكيل والآخر موزون .

ومالك يعتبر الكيل أو الوزن فيما جرت العادة أن يكال أو يوزن ، والعدد فيما لا يكال ولا يوزن .

واختلفوا من هذا الباب فيما تدخله الصنعة مما أصله منع الربا فيه مثل الخبز بالخبز ، فقال أبو حنيفة : لا بأس ببيع ذلك متفاصلا ومتماثلا ، لانه قد خرج بالصنعة عن الجنس الذي فيه الربا ، وقال الشافعي : لا يجوز متماثلا فضلا عن متفاضل ، لانه قد غيرته الصنعة تغيرا جهلت به مقاديره التي تعتبر فيها المماثلة .

وأما مالك فالاشهر في الخبز عنده أنه يجوز متماثلا .

وقد قيل فيه إنه يجوز فيه التفاضل والتساوي .

وأما العجين بالعجين فجائز عنده مع المماثلة .

وسبب الخلاف : هل الصنعة تنقله من جنس الربويات أو ليس تنقله ، وإن لم تنقله فهل تمكن المماثلة فيه أو لا تمكن ؟ فقال أبو حنيفة : تنقله ، وقال مالك والشافعي : لا تنقله واختلفوا في إمكان المماثلة فيهما ، فكان مالك يجيز اعتبار المماثلة في الخبز واللحم بالتقدير والحزر فضلا عن الوزن .

وأما إذا كان أحد الربويين لم تدخله صنعة والآخر قد دخلته الصنعة ، فإن مالكا يرى في كثير منها أن الصنعة تنقله من الجنس : أعني من أن يكون جنسا واحدا فيجيز فيها التفاضل ، وفي بعضها ليس يرى ذلك ، وتفصيل مذهبه في ذلك عسير الانفصال ، فاللحم المشوي والمطبوخ عنده من جنس واحد ، والحنطة المقلوة عنده وغير المقلوة جنسان ، وقد رام أصحابه التفصيل في ذلك ، والظاهر من مذهبه أن ليس في ذلك قانون من قوله حتى تنحصر فيه أقواله فيها ، وقد رام حصرها الباجي في المنتقى ، وكذلك أيضا يعسر حصر المنافع التي توجب عنده الاتفاق في شئ شئ من الاجناس التي يقع بها التعامل ، وتمييزها من التي لا توجب ذلك : أعني في الحيوان والعروض والنبات ، وسبب العسر أن الانسان إذا سئل عن أشياء متشابهة في أوقات مختلفة ولم يكن عنده قانون يعمل عليه فيتمييزها إلا ما يعطيه بادئ النظر في الحال جاوب فيها بجوابات مختلفة ، فإذا جاء من بعده أحد فرام أن يجري تلك الاجوبة على قانون واحد وأصل واحد عسر ذلك عليه ، وأنت تتبين ذلك من كتبهم ، فهذه هي أمهات هذا الباب .

فصل : وأما اختلافهم في بيع الربوي الرطب بجنسه من اليابس مع وجود التماثل في القدر والتناجز

، فإن السبب في ذلك ما روى مالك عن سعد بن أبي وقاص أنه قال : سمعت رسول الله ( ص ) يسأل عن شراء التمر بالرطب ، فقال رسول الله ( ص ) : أينقص الرط

اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 2  صفحة : 112
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست