اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 10
على نفسها ، أعني أن لا تكون هي التي تلي العقد بل الاظهر منه
أنه إذا أذن الولي لها جاز أن تعقد على نفسها دون أن تشترط في صحة النكاح
إشهاد الولي معها .
وأما ما احتج به الفريق الآخر من قوله تعالى :
( فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف )
فإن المفهوم منه النهي عن التثريب عليهن فيما استبددن بفعله دون
أوليائهن ، وليس ههنا شئ يمكن أن تستبد به المرأة دون الولي إلا عقد النكاح
.
فظاهر هذه الآية - والله أعلم - أن لها أن تعقد النكاح وللاولياء
الفسخ إذا لم يكن بالمعروف وهو الظاهر من الشرع إلا أن هذا لم يقل به أحد ،
وأن يحتج ببعض ظاهر الآية على رأيهم ولا يحتج ببعضها فيه ضعف .
وأما إضافة النكاح إليهن فليس فيه دليل على اختصاصهن بالعقد ، لكن الاصل هو الاختصاص إلا أن يقوم الدليل على خلاف ذلك .
وأما حديث ابن عباس فهو لعمري ظاهر في الفرق بين الثيب والبكر ،
لانه إذا كان كل واحد منهما يستأذن ويتولى العقد عليهما الولي فبماذا ليت
شعري تكون الايم أحق بنفسها من وليها ؟ وحديث الزهري هو أن يكون موافقا هذا
الحديث أحرى من أن يكون معارضا له ، ويحتمل أن تكون التفرقة بينهما في
السكوت والنطق فقط ، ويكون السكوت كافيا في العقد والاحتجاج بقوله تعالى :
﴿ فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ﴾
هو أظهر في أن المرأة تلي العقد من الاحتجاج بقوله :
﴿ ولا تنكحوا المشركين حتى يومنوا ﴾
على أن الولي هو الذي يلي العقد .
وقد ضعفت الحنفية حديث عائشة ، وذلك أنه حديث رواه جماعة عن ابن جريج عن الزهري .
وحكى ابن علية عن ابن جريج أنه سأل الزهري عنه فلم يعرفه ، قالوا :
والدليل على ذلك أن الزهري لم يكن يشترط الولاية ، ولا الولاية من مذهب
عائشة .
وقد احتجوا أيضا بحديث ابن عباس أنه قال لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ولكنه مختلف في رفعه .
وكذلك اختلفوا أيضا في صحة الحديث الوارد في نكاح النبي عليه الصلاة والسلام أم سلمة وأمره لابنها أن ينكحها إياه .
وأما احتجاج الفريقين من جهة المعاني فمحتمل ، وذلك أنه يمكن أن
يقال إن الرشد إذا وجد في المرأة اكتفي به في عقد النكاح كما يكتفى به في
التصرففي المال ، ويشبه أن يقال إن المرأة مائلة بالطبع إلى الرجال أكثر من
ميلها إلى تبذير الاموال ، فاحتاط الشرع بأن جعلها محجوزة في هذا المعنى
على التأبيد ، مع أن ما يلحقها من العار في إلقاء نفسها في غير موضع كفاءة
يتطرق إلى أوليائها ، لكن يكفي في ذلك أن يكون للاولياء الفسخ أو الحسبة ،
والمسألة محتملة كما ترى ، ولكن الذي يغلب على الظن أنه لو قصد الشارع
اشتراط الولاية لبين جنس الاولياء وأصنافهم ومراتبهم ، فإن تأخر البيان عن
وقت الحاجة لا يجوز ، فإذا كان لا يجوز عليه - عليه الصلاة والسلام - تأخير
البيان عن وق
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 10