اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 73
وفي بعض رواياته : فنضحه ولم يغسله خرجه البخاري ، والاخر حديث
أنس المشهور حين وصف صلاة رسول الله ( ص ) في بيته قال : فقمت إلى حصير لنا
قدأسود من طول ما لبث ، فنصحته بالماء .
فمن الناس من صار إلى العمل بمقتضى حديث عائشة ، وقال : هذا خاص ببول الصبي ، واستثناه من سائر البول .
ومن الناس من رجح الاثار الواردة في الغسل على هذا الحديث ، وهو
مذهب مالك ، ولم ير النضح إلا الذي في حديث أنس ، وهو الثوب المشكوك فيه
على ظاهر مفهومه .
وأما الذي فرق في ذلك بين بول الذكر والانثى ، فإنه اعتمد على ما
رواه أبو داود عن أبي السمح من قوله عليه الصلاة والسلام : يغسل بول
الجارية ويرش بول الصبي وأما من لم يفرق ، فإنما اعتمد قياس الانثى على
الذكر الذي ورد فيه الحديث الثابت .
وأما المسح فإن قوما أجازوه في أي محل كانت النجاسة إذا ذهب عينها
على مذهب أبي حنيفة وكذلك الفرك على قياس من يرى أن كل ما أزالالعين ، فقد
طهر ، وقوم لم يجيزوه إلا في المتفق عليه ، وهو المخرج ، وفي ذيل المرأة ،
وفي الخف ، وذلك من العشب اليابس ، لا من الاذى غير اليابس ، وهو مذهب مالك
وهؤلاء لم يعدوا المسح إلى غير المواضع التي جاءت في الشرع ، وأما الفريق
الاخر ، فإنهم عدوه .
والسبب في اختلافهم في ذلك : هل ما ورد من ذلك رخصة ، أو حكم ؟ فمن
قال : رخصة لم يعدها إلى غيرها : أعني لم يقس عليها ، ومن قال : هو حكم من
أحكام إزالة النجاسة كحكم الغسل ، عداه .
فإن قوما اشترطوا الانقاء فقط في الغسل والمسح ، وقوم اشترطوا العدد
في الاستجمار ، وفي الغسل ، والذين اشترطوه في الغسل منهم من اقتصر على
المحل الذي ورد فيه العدد في الغسل بطريق السمع ، ومنهم معداه إلى سائر
النجاسات ، أما من لم يشترط العدد لا في غسل ، ولا في مسح ، فمنهم مالك ،
وأبو حنيفة .
وأما من اشترط في الاستجمار العدد : أعني ثلاثة أحجار ، لا أقل من
ذلك ، فمنهم الشافعي ، وأهل الظاهر وأما من اشترط العدد في الغسل ، واقتصر
به على محله الذي ورد فيه ، وهو غسل الاناء سبعا من ولوغ الكلب ، فالشافعي ،
ومن قال بقوله .
وأما من عداه ، واشترط السبع في غسل النجاسات ، ففي أغلب ظني أن أحمد بن حنبل منهم .
وأبو حنيفة يشترط الثلاثة في إزالة النجاسة الغير محسوسة العين أعني الحكمية .
وسبب اختلافهم في هذا : تعارض المفهوم من هذه العبادة لظاهر اللفظ
في الاحاديث التي ذكر فيها العدد ، وذلك أن من كان المفهوم عنده من الامر
بإزالة النجاسة إزالة عينها ، لم يشترط العدد أصلا ، وجعل العدد الوارد من
ذلك في الاستجمار في حديث سلمان الثابت الذي فيه الامر أن لا يستنجي بأقل
من ثلاثة أحجار على سبيل الاستحباب ، حتى يجمع بين المفهوم من الشرع ،
والمسموع من هذه الاحاديث ، وجعل العدد المشترط في غسل الاناء من ولوغ
الكلب عبادة ، لا لنجاسة كما تقدم من مذهب مالك .
وأما من صار إلى ظواهر هذه الاثار ، واستثناها من المفهوم ، فاقتصر
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 73