اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 71
على الحقيقة ، وفي الثابت من أمره عليه الصلاة والسلام بغسل
الثوب من دم الحيض وصبه الماء على بول الصبي الذي بال عليه وأما المساجد ،
فلامره عليه الصلاة والسلام بصب ذنوب من ماء على بول الاعرابي الذي بال في
المسجد وكذلك ثبت عنه عليه الصلاة والسلام : أنه أمر بغسل المذي من البدن
وغسل النجاسات من المخرجين .
واختلف الفقهاء : هل يغسل الذكر كله من المذي أم لا ؟ لقوله عليه
الصلاة والسلام في حديث علي المشهور ، وقد سئل عن المذي ، فقال : يغسل ذكره
، ويتوضأ .
وسبب الخلاف فيه : هل هو الواجب هو الاخذ بأوائل الاسماء ،
أبأواخرها ؟ فمن رأى أنه بأواخرها : أعني بأكثر ما ينطلق عليه الاسم ، قال :
بغسل الذكر كله ، ومن رأى الاخذ بأقل ما ينطلق عليه ، قال : إنما يغسل
موضع الاذى فقط .
قياسا على البول ، والمذي .
الباب الرابع في الشئ الذي تزال به وأما الشيئ الذي به تزال ، فإن
المسلمين اتفقوا على أن الماء الطاهر المطهر يزيلها من هذه الثلاثة المحال ،
واتفقوا أيضا على أن الحجارة تزيلها من المخرجين ، واختلفوا فيما سوى ذلك
من المائعات والجامدات التي تزيلها فذهب قوم إلى أن ما كان طاهرا يزيل عين
النجاسة مائعا كان ، أو جامدا في أي موضع كانت ، وبه قال أبو حنيفة ،
وأصحابه وقال قوم : لا تزال النجاسة بما سوى الماء إلا في الاستجمار فقط
المتفق عليه ، وبه قال مالك والشافعي واختلفوا أيضا في إزالتها في
الاستجمار بالعظم والروث فمنع ذلك قوم ، أجازه بغير ذلك مما ينقي واستثنى
مالك من ذلك ما هو مطعوم ذو حرمة كالخبز وقد قيل ذلك فيما في استعماله سرف
كالذهب والياقوت .
وقوم قصروا الانقاء على الاحجار فقط ، وهو مذهب أهل الظاهر وقوم أجازوا الاستنجاء بالعظم دون الروث ، وإن كان مكروها عندهم .
وشذ الطبري ، فأجاز الاستجمار بكل طاهر ، ونجس .
وسبب اختلافهم : في إزالة النجاسة بما عدا الماء فيما عدا المخرجين
هو هل المقصود بإزالة النجاسة بالماء هو إتلاف عينها فقط ، فيستوي في ذلك
مع الماء كل ما يتلف عينها ؟ أم للماء في ذلك مزيد خصوص ليس بغير الماء ؟
فمن لم يظهر عنده للماء مزيد خصوص ، قال بإزالتها بسائر المائعات والجامدا ت
الطاهرة ، وأيد هذا المفهوم بالاتفاق على إزالتها من المخرجين بغير الماء ،
وبما ورد من حديث أم سلمة أنها قالت : إني امرأة أطيل ذيلي ، وأمشي في
المكان القذر ، فقال لها رسول الله ( ص ) : يطهره ما بعده .
وكذلك بالاثار التي خرجها أبو داود في هذا مثل قوله عليه الصلاة
والسلام : إذا وطئ أحدكم الاذى بنعليه ، فإن التراب له طهور إلى غير ذلك
مما روي في هذا المعنى .
ومن رأى أن الماء في ذلك مزيد خصوص منع ذلك إلا في موضع الرخصة فقط ، وهو المخرجان .
ولما طالبت الحنفية الشافعية بذلكالخصوص المزيد الذي للماء لجأوا في ذلك إلى أنها عبادة ، إذ لم يقدروا أن يعطوا في
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 71