اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 376
مالك .
وسبب ضعف حديث مالك أن في رواته من لا يعرف ، وأنه ورد في طريق واحد ، قال أبو عمر بن عبد البر : بل رواته معروفون وقد ورد من طرق .
وسبب ضعف حديث جابر أن الثقات أوقفوه على جابر ، فمن رجح حديث جابر
هذا على حديث أبي هريرة لشهادة عموم الكتاب له لم يستثن من ذلك إلا ما جزر
عنه البحر إذ لم يرد في ذلك تعارض ، ومن رجح حديث أبي هريرة قال بالاباحة
مطلقا .
وأما من قال بالمنع مطلقا فمصيرا إلى ترجيح عموم الكتاب ، وبالاباحة مطلقا قال مالك والشافعي .
وبالمنع مطلقا قال أبو حنيفة وقال قوم غير هؤلاء بالفرق .
وأما الخمسة التي ذكر الله مع الميتة فلا خلاف أن حكمها عندهم حكم الميتة ، وأما الجلالة وهي التي تأكل النجاسة فاختلفوا في أكلها .
وسبب اختلافهم : معارضة القياس للاثر .
أما الاثر فما روي أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن لحوم الجلالة وألبانها خرجه أبو داود عن ابن عمر .
وأما القياس المعارض لهذا ، فهو أن ما يرد جوف الحيوان ينقلب إلى
لحم ذلك الحيوان وسائر أجزائه ، فإذا قلنا إن لحم الحيوان حلال ، وجب أن
يكون لما ينقلب من ذلك حكم ما ينقلب إليه ، وهو اللحم كما لو انقلب ترابا ،
أو كانقلاب الدم لحما ، والشافعي يحرم الجلالة ، ومالك يكرهها .
وأما النجاسة تخالط الحلال فالاصل فيه الحديث المشهور من حديث أبي
هريرة وميمونةأنه سئل عليه الصلاة والسلام عن الفأرة تقع في السمن فقال :
إن كان جامدا فاطرحوها وما حولها وكلوا الباقي وإن كان ذائبا فأريقوه أو لا
تقربوه .
وللعلماء في النجاسة تخالط المطعومات الحلال مذهبان : أحدهما : من
يعتبر في التحريم المخالطة فقط وإن لم يتغير للطعام لون ولا رائحة ولا طعم
من قبل النجاسة التي خالطته وهو المشهور والذي عليه الجمهور .
والثاني : مذهب من يعتبر في ذلك التغير ، وهو قول أهل الظاهر ورواية عن مالك .
وسبب اختلافهم : اختلافهم في مفهوم الحديث ، وذلك أن منهم من جعله
من باب الخاص أريد به الخاص ، وهم أهل الظاهر فقالوا : هذا الحديث يمر على
ظاهره ، وسائر الاشياء يعتبر فيها تغيرها بالنجاسة أو لا تغيرها بها ،
ومنهم من جعله من باب الخاص أريد به العام وهم الجمهور فقالوا : المفهوم
منه أن بنفس مخالطة النجس ينجس الحلال ، إلا أنه لم يتعلل لهم الفرق بين أن
يكون جامدا أو ذائبا لوجود المخالطة في هاتين الحالتين وإن كانت في إحدى
الحالتين أكثر : أعني في حالة الذوبان ، ويجب على هذا أن يفرق بين المخالطة
القليلة والكثيرة ، فلما لم يفرقوا بينهما فكأنهم اقتصروا من بعض الحديث
على ظاهره ، ومن بعضه على القيا س عليه ، ولذلك أقرته الظاهرية كله على
ظاهره .
وأما المحرمات لعينها ، فمنها ما اتفقوا عليه ، ومنها ما اختلفوا فيه .
فأما المتفق منها عليه فاتفق المسلمون منها على اثنين : لحم الخنزير ، والدم .
فأما الخنزير فاتفقوا على تحريم شحمه ولحمه وجلده ، واختلفوا في الانتفاع بشعره وفي طهارة جلده مدبوغا وغير مدبوغ ،
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 376