اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 377
وقد تقدم ذلك في كتاب الطهارة .
وأما الدم فاتفقوا على تحريم المسفوح منه من الحيوان المذكى ، واختلفوا في غير المسفوح منه .
وكذلك اختلفوا في دم الحوت ، فمنهم من رآه نجسا ، ومنهم من لم يره نجسا ، والاختلاف في هذا كله موجود في مذهب مالك وخارجا عنه .
وسبب اختلافهم : في غير المسفوح معارضة الاطلاق للتقييد ، وذلك أن قوله تعالى :
﴿ حرمت عليكم الميتة والدم ﴾
يقتضي تحريم مسفوح الدم وغيره ، وقوله تعالى :
﴿ أو دما مسفوحا ﴾
يقتضي بحسب دليل الخطاب تحريم المسفوح فقط ، فمن رد المطلق إلى
المقيد اشترط في التحريم السفح ، ومن رأى أالاطلاق يقتضي حكما زائدا على
التقييد ، وأن معارضة المقيد للمطلق إنما هو من باب دليل الخطاب ، والمطلق
عام ، والعام أقوى من دليل الخطاب قضى بالمطلق على المقيد ، وقال : يحرم
قليل الدم وكثيره والسفح المشترط في حرمية الدم إنما هو دم الحيوان المذكى ،
أعني أنه الذي يسيل عند التذكية من الحيوان الحلال الاكل .
وأما أكل دم يسيل من الحيوان الحي فقليله وكثيره حرام ، وكذلك الدم
من الحيوان المحرم الاكل ، وإن ذكي فقليله وكثيره حرام ، ولا خلاف في هذا .
وأما سبب اختلافهم : في دم الحوت فمعارضة العموم للقياس .
أما العموم فقوله تعالى :
﴿ والدم ﴾
وأما القياس فما يمكن أن يتوهم من كون الدم تابعا في التحريم لميتة
الحيوان ، أعني أن ما حرم ميتته حرم دمه ، وما حل ميتته حل دمه ، ولذلك رأى
مالك أن ما لادم له فليس بميتة .
قال القاضي : وقد تكلمنا في هذه المسألة في كتاب الطهارة ، ويذكر
الفقهاء في هذا حديثا مخصصا لعموم الدم قوله عليه الصلاة والسلام : أحلت
لنا ميتتان ودمان وهذا الحديث في غالب ظني ليس هو في الكتب المشهورة من كتب
الحديث .
وأما المحرمات لعينها المختلف فيها فأربعة : أحدها : لحوم السباع من الطير ومن ذوات الاربع .
والثاني : ذوات الحافر الانسية .
والثالث : لحو الحيوان المأمور بقتله في الحرم والرابع : لحوم الحيوانات التي تعافها النفوس وتستخبثها بالطبع .
وحكى أبو حامد عن الشافعي أنه يحرم لحم الحيوان المنهي عقتله قال : كالخطاف والنحل فيكون هذا جنسا خامسا من المختلف فيه .
فأما المسألة الاولى : وهي السباع ذوات الاربع ، فروى ابن القاسم عن
مالك أنها مكروهة ، وعلى هذا القول عول جمهور أصحابه وهو المنصور عندهم ،
وذكر مالك في الموطأ ما دليله أنها عنده محرمة ، وذلك أنه قال - بعقب حديث
أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : أكل كل ذي ناب من السباع
حرام - وعلى ذلك الامر عندن
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 377