اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 281
الشمس ، وأجمع المسلمون أن من رماها في هذا اليوم في ذلك الوقت :
أعني بعد طلوع الشمس إلى زوالها فقد رماها في وقته ، وأجمعوا أن رسول الله
( ص ) لم يرم يوم النحر من الجمرات غيرها واختلفوا فيمن رمى جمرة العقبة
قبل طلوع الفجر ، فقال مالك : لم يبلغنا أن رسول الله ( ص ) رخص لاحد أن
يرمي قبل طلوع الفجر ، ولا يجوز ذلك ، فإن رماها قبل الفجر أعادها ، وبه
قال أبو حنيفة وسفيان وأحمد .
وقال الشافعي : لا بأس به وإن كان المستحب هو بعد طلوع الشمس .
فحجة من منع ذلك فعله ( ص ) مع قوله خذوا عني مناسككم وما روي عن
ابن عباس أن رسول الله ( ص ) قدم ضعفة أهله وقال : لا ترموا الجمرة حتى
تطلع الشمس وعمدة من جوز رميها قبل الفجر حديث أم سلمة خرجه أبو داود وغيره
وهو أن عائشة قالت : أرسل رسول الله ( ص ) لام سلمة يوم النحر فرمت الجمرة
قبل الفجر ومضت فأفاضت ، وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله ( ص ) عندها
وحديث أسماء أنها رمت الجمرة بليل وقالت : إنا كنا نصنعه على عهد رسول الله
( ص ) .
وأجمع العلماء أن الوقت المستحب لرمي جمرة العقبة هو من لدن طلوع
الشمس إلى وقت الزوال ، وأنه إن رماها قبل غروب الشمس من يوم النحر أجزأ
عنه ولا شئ عليه ، إلا مالكا فإنه قال : استحب له أن يريق دما .
واختلفو فيمن لم يرمها حتى غابت الشمس فرماها من الليل أو من الغد .
فقال مالك : عليه دم .
وقال أبو حنيفة : إن رمى من الليل فلا شئ عليه ، وإن أخرها إلى الغد فعليه دم .
وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي : لا شئ عليه إن أخرها إلى الليل أو
إلى الغد ، وحجتهم أن رسول الله ( ص ) رخص لرعاة الابل في مثل ذلك : أعني
أن يرموا ليلا وفي حديث ابن عباس أن رسول الله ( ص ) قال له السائل : يا
رسول الله ( ص ) - رميت بعد ما أمسيت ، قال له : لا حرج وعمدة مالك أن ذلك
الوقت المتفق عليه الذي رمى فيه رسول الله ( ص ) هو السنة ، ومن خالف سنة
من سنن الحج فعليهدم ، على ما روي عن ابن عباس وأخذ به الجمهور .
وقال مالك : ومعنى الرخصة للرعاة إنما ذلك إذا مضى يوم النحر ورموا
جمرة العقبة ثم كان اليوم الثالث وهو أول أيام النفر ، فرخص لهم رسول الله (
ص ) أن يرموا في ذلك اليوم له ولليوم الذي بعده ، فإن نفروا فقد فرغوا ،
وإن أقاموا إلى الغد رموا مع الناس يوم النفر الاخير ونفروا ، ومعنى الرخصة
للرعاة عند جماعة العلماء هو جمع يومين في يوم واحد ، إلا أن مالكا إنما
يجمع عنده ما وجب مثل أن يجمع في الثالث فيرمي عن الثاني والثالث ، لانه لا
يقضى عنده إلا ما وجب ، ورخص كثير من العلماء في جمع يومين في يوم ، سواء
تقدم ذلك اليوم الذي أضيف إلى غيره أو تأخر ولم يشبهوه بالقضاء ، وثبت أن
رسول الله ( ص ) رمى في حجته الجمرة يوم النحر ، ثم نحر بدنه ، ثم حلق رأسه
، ثم طاف طواف الافاضة وأجمع العلماء على أن هذا سنة الحج .
واختلفوا فيمن قدم من هذه ما أخره النبي عليه الصلاة والسلام أو بالعكس ، فقال مالك : من حلقبل أن يرمي جمرة العقبة فعليه الفدية .
وقال الشافعي وأحمد وداود وأبو ثور : لا شئ عليه .
وعمدتهم ما رواه مالك من حديث عبد الله بن عمر أنه قال وقف
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 281