اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 280
هو القول في السنن التي في يوم عرفة .
وأما الفعل الذي يلي الوقوف بعرفة من أفعال الحج فهو النهوض إلى المزدلفة بعد غيبة الشمس وما يفعل بها فلنقل فيه .
القول في أفعال المزدلفة
والقول الجملي أيضا في هذا الموضع ينحصر في معرفة حكمه وفي صفته وفي وقته .
فأما كون هذا الفعل من أركان الحج فالاصل فيه قوله سبحانه :
( فاذكروا الله عند المشعر الحرام ، واذكروه كماهداكم )
وأجمعوا على أن من بات بالمزدلفة ليلة النحر وجمع فيها بين المغر ب
والعشاء مع الامام ووقف بعد صلاة الصبح إلى الاسفار بعد الوقوف بعرفة أن
حجه تام ، وأن ذلك الصفة التي فعل رسول الله ( ص ) .
واختلفوا هل الوقوف بها بعد صلاالصبح ، والمبيت بها من سنن الحج أو
من فروضه ؟ فقال الاوزاعي ، وجماعة من التابعين : هو من فروض الحج ، ومن
فاته كان عليه حج قابل والهدي .
وفقهاء الامصار يرون أنه ليس من فروض الحج ، وأن من فاته الوقوف بالمزدلفة والمبيت به فعليه دم .
وقال الشافعي : إن دفع منها إلى بعد نصف الليل الاول ولم يصل بها
فعليه دم وعمدة الجمهور ما صح عنه أنه ( ص ) قدم ضعفة أهله ليلا فلم
يشاهدوا معه صلاة الصبح بها ، وعمدة الفريق الاول قوله ( ص ) في حديث عروة
بن المضرس وهو حديث متفق على صحته من أدرك معنا هذه الصلاة - يعني صلاة
الصبح بجمع ، وكان قد أتى قبل ذلك عرفات - ليلا أو نهارا - فقد تم حجه وقضى
تفثه وقوله تعالى :
﴿ فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ، وآذكروه كما هداكم ﴾
ومن حجة الفريق الاول أن المسلمين قد أجمعوا على ترك الاخذ بجميع ما
في هذا الحديث ، وذلك أن أكثرهم على أن من وقف بالمزدلفة ليلا ودفع منها
إلى قبل الصبح أن حجه تام ، وكذلك من بات فيها ونام عن الصلاة وكذلك أجمعوا
على أنه لو وقف بالمزدلفة ولم يذكر الله أن حجه تام .
وفي ذلك أيضا ما يضعف احتجاجهم بظاهر الآية ، والمزدلفة وجمع هما
اسمان لهذا الموضوع وسنة الحج فيها كما قلنا أن يبيت الناس بها ويجمعون بين
المغرب والعشاء في أول وقت العشاء ويغلسوا بالصبح فيها .
القول في رمي الجماروأما
الفعل الذي بعدها فهو رمي الجمار ، وذلك أن المسلمين اتفقوا على
أن النبي ( ص ) وقف بالمشعر الحرام وهي المزدلفة بعدما صلى الفجر ثم دفع
منها قبل طلوع الشمس إلى منى ، وأنه في هذا اليوم وهو يوم النحر رمى جمرة
العقبة من بعد طل
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 280