اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 263
لم يجد الازار ، والخف لمن لم يجد النعلين .
وجمهور العلماء على إجازة لباس الخفين مقطوعين لمن لم يجد النعلين ،
وقال أحمد : جائز لمن لم يجد النعلين أن يلبس الخفين غير مقطوعين أخذا
بمطلق حديث ابن عباس .
وقال عطاء : في قطعهما فساد ، والله لا يحب الفساد .
واختلفوا فيمن لبسهما مقطوعين مع وجود النعلين ، فقال مالك : عليه الفدية ، وبه قال أبو ثور وقال أبو حنيفة : لا فدية عليه .
والقولان عن الشافعي وسنذكر هذا في الاحكام .
وأجمع العلماء على أن المحرم لا يلبس الثوب المصبوغ بالورس ،
والزعفران لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عمر لا تلبسوا من الثياب
شيئا مسه الزعفران ، ولا الورس واختلفوا في المعصفر ، فقال مالك ليس به بأس
، فإنه ليس بطيب ، وقال أبو حنيفة ، والثوري : هو طيب ، وفيه الفدية .
وحجة أبي حنيفة ما خرجه مالك عن علي أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن لبس القسي ، وعن لبس المعصفر .
وأجمعوا على أن إحرام المرأة في وجهها ، وأن لها أن تغطي رأسها
وتستر شعرها ، وأن لها أن تسدل ثوبها على وجهها من فوق رأسها سدلا خفيفا ،
تستر به عن نظر الرجال إليها ، كنحو ما روي عن عائشة أنها قالت : كنا مع
رسول الله ( ص ) ، ونحن محرمون ، فإذا مر بنا ركب ، سدلنا على وجوهنا الثوب
من قبل رؤوسنا ، وإذا جاوز الركب ، رفعناه .
ولم يأت تغطية وجوههن إلا ما رواه مالك عن فاطمة بنت المنذر أنها
قالت : كنا نخمر وجوهنا ، ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر الصديق .
واختلفوا في تخمير المحرم وجهه بعد إجماعهم على أنه لا يخمر رأسه ،
فروى مالك عن ابن عمر أن ما فوق الذقن من الرأ س لا يخمره المحرم وإليه ذهب
مالك وروي عنه أنه إن فعل ذلك ، ولم ينزعه من مكانه ، افتدى .
وقال الشافعي والثوري ، وأحمد ، وأبو داود ، وأبو ثور .
يخمر المحرم وجهه إلى الحاجبين وروي من الصحابة عن عثمان ، وزيد بن ثابت وجابر ، وابن عبا س ، وسعد بن أبي وقاص .
واختلفوا في لبس القفازين للمرأة ، فقال مالك : إن لبست المرأة القفازين افتدت ، ورخص فيه الثوري ، وهو مروي عن عائشة .
والحجة لمالك ما خرجه أبو داود عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه
نهى عن النقاب ، والقفازين وبعض الرواة يرويه موقوفا عن ابن عمر ، وصححه
بعض رواة الحديث ، أعنيرفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام .
فهذا هو مشهور اختلافهم ، واتفاقهم في اللباس .
وأصل الخلاف في هذا كله : اختلافهم في قياس بعض المسكوت عنه على المنطوق به ، واحتمال اللفظ المنطوق به ، وثبوته ، أو لا ثبوته .
وأما الشئ الثاني من المتروكات ، فهو الطيب ، وذلك أن العلماء
أجمعوا على أن الطيب كله يحرم على المحرم بالحج ، والعمرة في حال إحرامه .
واختلفوا في جوازه للمحرم عند الاحرام قبل أن يحرم لما يبقى من أثره
عليه بعد الاحرام ، فكرهه قوم وأجازه آخرون ، وممن كرهه مالك ، ورواه عن
عمر بن الخطاب وهو قول عثمان ، وابن عمر ، وجماعة من التابعين ، وممن أجازه
أبو حنيفة والشافعي ، والثوري ، وأحمد ، وداود .
والحجة لمالك رحمه الله من جهة الاثر حديث صفوان بن يعلى ثبت في
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 263