اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 239
وأما المسألة السادسة : وهي هل يجوز للصائم في رمضان أن ينشئ سفرا ، ثم لا يصوم فيه ، فإن الجمهور على أنه يجوز ذلك له .
وروي عن بعضهم ، وهو عبيدة السلماني ، وسويد بن غفلة وابن مجلز أنه إن سافر فيه صام ، ولم يجيزوا له الفطر .
والسبب في اختلافهم : اختلافهم في مفهوم قوله تعالى :
﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ﴾
وذلك أنه يحتمل أن يفهم منه أن من شهد بعض الشهر ، فالواجب عليه أن
يصومه كله ، ويحتمل أن يفهم منه أن من شهد أن الواجب أن يصوم ذلك البعض
الذي شهده ، وذلك أنه لما كان المفهوم باتفاق أن من شهده كله ، فهو يصومه
كله ، كان من شهد بعضه ، فهو يصوم بعضه ويؤيد تأويل الجمهور إنشاء رسول
الله ( ص ) السفر في رمضان .
وأما حكم المسافر إذا أفطر ، فهو القضاء باتفاق ، وكذلك المريض لقوله تعالى :
﴿ فعدة من أيام أخر ﴾
ما عدا المريض بإغماء أو جنون ، فإنهم اختلفوا في وجوب القضاء عليه ، وفقهاء الامصار على وجوبه على المغمى عليه .
واختلفوا في المجنون ومذهب مالك وجوب القضاء عليه وفيه ضعف لقوله عليه الصلاة والسلام .
وعن المجنون حتى يفيق والذين أوجبوا عليهما القضاء اختلفوا في كون
الاغماء ، والجنون مفسدا للصوم ، فقوم قالوا : إن مفسد ، وقوم قالوا : ليس
بمفسد ، وقوم فرقوا بين أن يكون أغمي عليه بعد الفجر ، أو قبل الفجر ، وقوم
قالوا : إن أغمي عليه بعد مضي أكثر النهار أجزأه وإن أغمي عليه في أول
النهار قضى ، وهو مذهب مالك ، وهذا كله فيه ضعف فإن الاغماء ، والجنون
يرتفع بها التكليف وبخاصة الجنون ، وإذا ارتفع التكليف لم يوصف بمفطر ، ولا
صائم ، فكيف يقال في الصفة التي ترفع التكليف إنها مبطلة للصوم ، إلا كما
يقال في الميت ، أو فيمن لا يصح منه العمل إنه قد بطل صومه ، وعمله ؟ !
ويتعلق بقضاء المسافر ، والمريض مسائل : منها هل يقضيان ما عليهما متتابعا ،
أم لا ؟ ومنها ماذا عليهما ، إذا أخرا القضاء بغير عذر إلى أن يدخل رمضان
آخر ، ومنها إذا ماتا ، ولم يقضيا هل يصوم عنهما وليهما ، أو لا يصوم ؟ أما
المسألة الاولى : فإن بعضهم أوجب أن يكون القضاء متتابعا على صفة الاداء ،
وبعضهم لم يوجب ذلك ، وهؤلاء منهم من خير ، ومنهم من استحب التتابع ،
والجماعة على ترك إيجاب التتابع .
وسبب اختلافهم : تعارض ظواهر اللفظ والقياس ، وذلك أن القياس يقتضي
أن يكون الاداء على صفة القضاء أصل ذلك الصلاة والحج ، أما ظاهر قوله تعالى
:
﴿ فعدة من أيام أخر ﴾
فإنما يقتضي إيجاب العدد فقط .
لا إيجا ب التتابع .
وروي عن عائشة أنها قالت : نزلت
﴿ فعدة من أيام أخر ﴾
متتابعات فسقطت متتابعات .
وأما إذا أخر القضاء حتى دخل رمضان آخر ، فقال قوم : يجب عليه بعد صيام رمضان الداخل القضاء ، والكفارة ، وبه قال مالك ، والش
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 239