responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 140

لعذر المطر ، فأجازه الشافعي ليلا كان أو نهاراومنعه مالك في النهار ، وأجازه في الليل وأجازه أيضا في الطين دون المطر في الليل وقد عدل الشافعي مالكا في تفريقه من صلاة النهار في ذلك ، وصلاة الليل لانه روى الحديث ، وتأوله : أعني خصص عمومه من جهة القياس ، وذلك أنه قال في قوابن عباس جمع رسول الله ( ص ) بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء في غير خوف ولا سفر أرى ذلك كان في مطر ، قال : فلم يأخذ بعموم الحديث ، ولا بتأويله : أعني تخصيصه ، بل رد بعضه ، وتأول بعضه ، وذلك شئ لا يجوز بإجماع ، وذلك أنه لم يأخذ بقوله فيه جمع بين الظهر والعصر ، وأخذ بقوله ، والمغرب والعشاء ، وتأوله ، وأحسب أن مالكا رحمه الله إنما رد بعض هذا الحديث ، لانه عارضه العمل ، فأخذ منه بالبعض الذي لم يعارضه العمل ، وهو الجمع في الحضر بين المغرب والعشاء على ما روي أن ابن عمر كان إذا جمع الامراء بين المغرب والعشاء جمع معهم لكن النظر في هذا الاصل لذي هو العمل كيف يكون دليلا شرعيا ؟ فيه نظر ، فإن متقدمي شيوخ المالكية كانوا يقولون : إنه من باب الاجماع ، وذلك لا وجه له فإن إجماع البعض لا يحتج به ، وكان متأخروهم يقولون : إنه من باب نقل التواتر ، ويحتجون في ذلك بالصاع ، وغيره مما نقله أهل المدينة خلفا عن سلف ، والعمل إنما هو فعل والفعل لا يفيد التواتر إلا أن يقترن بالقول ، فإن التواتر طريقه الخبر ، لا العمل وبأن جعل الافعال تفيد التواتر عسير ، بل لعله ممنوع ، والاشبه عندي أن يكون من باب عموم البلوى الذي يذهب إليه أبو حنيفة ، وذلك أنه لا يجوز أن يكون أمثال هذه السنن مع تكررها ، وتكرر وقوعها أسبابها غير منسوخة ، ويذهب العمل بها على أهل المدينة الذين تلقوا العمل بالسنن خلفا عن سلف ، وهو أقوى من عموم البلوى الذي يذهب إليه أبو حنيفة ، لان أهل المدينة أحرى أن لا يذهب عليهم ذلك من غيرهم من الناس الذين يعتبرهم أبو حنيفة في طريق النقل ، وبالجملة العمل لا يشك أنه قرينة إذا اقترنت بالشئ المنقول إن وافقته ، أفادت به غلبة الظن ، وإن خالفته أفادت به ضعف الظن .

فأما هل تبلغ هذه القرينة مبلغا ترد به أخبار الاحاد الثابتة ؟ ففيه نظر .

وعسى أنها تبلغ في بعض ، ولا تبلغ في بعض لتفاضل الاشياء في شدة عموم البلوى بها ، وذلك أنه كلما كانت السنة الحاجة إليها أمس ، وهي كثيرة التكرار على المكلفين كان نقلها من طريق الاحاد من غير أن ينتشر قولا ، أو عملا فيه ضعف ، وذلك أنه يوجب ذلك أحد أمرين : إما أنها منسوخة ، وإما أن النقل فيه اختلال ، وقد بين ذلك المتكلمون كأبي المعالي وغيره .

وأما الجمع في الحضر للمريض ، فإن مالكا أباحه له إذا خاف أن يغمى عليه ،أو كان به بطن ومنع ذلك الشافعي .

والسبب في اختلافهم : هو اختلافهم في تعدي علة الجمع في السفر أعني المشقة ، فمن طرد العلة رأى أن هذا من باب الاولى ، والاحرى ، وذلك أن المشقة على المريض في إفراد الصلوات أشد منها على المسافر ، ولم يعد هذه

اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 140
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست