اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 128
السائب بن يزيد أنه قال : لم يكن يوم الجمعة لرسول الله ( ص )
إلا مؤذن واحد وروي أيضا عن سعيد بن المسيب أنه قال : كان الاذان يوم
الجمعة على عهد رسول الله ( ص ) وأبي بكر وعمر أذانا واحدا حين يخرج الامام
، فلما كان زمان عثمان ، وكثر الناس ، فزاد الاذان الاول ليتهيأ الناس
للجمعة وروى ابن حبيب : أن المؤذنين كانوا يوم الجمعة على عهد رسول الله ( ص
) ثلاثة .
فذهب قوم إلى ظاهر ما رواه البخاري ، وقالوا : يؤذن يوم الجمعة
مؤذنان وذهب آخرون إلى أن المؤذن واحد ، فقالوا : إن معنى قوله : فلما كان
زمان عثمان ، وكثر الناس ، زاد النداء الثالث أن النداء الثاني هو الاقامة ،
وأخذ آخرون بما رواه ابن حبيب ، وأحاديث ابن حبيب عند أهل الحديث ضعيفة
ولا سيما فيما انفرد به .
وأما شروط الوجوب والصحة المختصة بيوم الجمعة ، فاتفق الكل على أن
من شرطها الجماعة ، واختلفوا في مقدار الجماعة ، فمنهم من قال : واحد مع
الامام ، وهو الطبري ، ومنهم من قال : اثنان سوى الامام .
ومنهم من قا : ثلاثة دون الامام ، وهو قول أبي حنيفة ، ومنهم من اشترط أربعين : وهو قول الشافعي ، وأحمد وقال قوم ثلاثين .
ومنهم من لم يشترط عددا ، ولكن رأى أنه يجوز بما دون الاربعين ولا
يجوز بالثلاثة ، والاربعة ، وهو مذهب مالك ، وحدهم بأنهم الذين يمكن أن
تتقرى بهم قرية .
وسبب اختلافهم في هذا : اختلافهم في أقل ما ينطلق عليه اسم الجمع هل
ذلك ثلاثة ، أو أربعة ، أو اثنان ، وهل الامام داخل فيهم أليس بداخل فيهم ؟
وهل الجمع المشترط في هذه الصلاة هو أقل ما ينطلق عليه اسم الجمع في غالب
الاحوال ؟ وذلك هو أكثر من الثلاثة والاربعة .
فمن ذهب إلى أن الشرط في ذلك هو أقل ما ينطلق عليه اسم الجمع ، وكان
عنده أن أقل ما ينطلق عليه اسم الجمع اثنان ، فإن كان ممن يعد الامام في
الجمع المشترط في ذلك ، قال تقوم الجمعة باثنين : الامام ، وواحد ثان ، وإن
كان ممن لا يرى أن يعد الامام في الجمع ، قال : تقوم باثنين سوى الامام ،
ومن كان أيضا عنده أن أقل الجمع ثلاثة ، ثة سوى الامام ، وإن كان ممن يعد
الامام في جملتهم وافق قول من قال : أقل الجمع اثنان ، ولم يعد الامام في
جملتهم .
وأما من راعى ما ينطلق عليه في الاكثر ، والعرف المستعمل اسم الجمع ، قال : لا تنعقد بالاثنين ، ولا بالاربعة ، ولم يحد في ذلك حدا .
ولما كان من شرط الجمعة الاستيطان عنده حد هذا الجمع بالقدر من
الناس الذين يمكنهم أن يسكنوا على حدة من الناس ، وهو مالك رحمه الله .
وأما من اشترط الاربعين ، فمصيرا إلى ما روي أن هذا العدد كان في
أول جمعة صليت بالناس ، فهذا هو أحد شروط صلاة الجمعة : أعني شروط الوجوب
وشروط الصحة ، فإن من الشروط ما هي شروط وجوب فقط ، ومنها ما يجمع الامرين
جميعا : أعني أنها شروط وجوب ، وشروط صحة .
وأما الشرط الثاني ، وهو الاستيطان ، فإن فقهاء الامصار اتفقوا عليه
، لاتفاقهم على أن الجمعة لا تجب على المسافروخالف في ذلك أهل الظاهر
لايجابهم الجمعة على المسافر ، واشترط أبو حنيفة المصر
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 128