وأراد بقوله ( أصيلع التعظيم لعلي عليه السلام ، لأن العرب إذا عظمت شيئا صغرته .
وأما عمرو بن بحر الجاحظ المكنى بأبي عثمان الذي هو طراز
البلاغةوالبيان الذي ملك زمام الفصاحة وكان علامة الدهر ، قد تحير قلبه
ودهش لبه فيما جمعه من الكلمات التي اعترف أنها قد حوت متفرق المعاني
الحكمية المتضمنة لمكارم الأخلاق النفسانية التي أولها ( لو كشف الغطاء لما
ازددت يقينا .
ومعلوم أن كلامه عليه السلام إذا وقف عليه من رزق الهداية رآه
منضودا في عقد من الألفاظ الرائقة ؟ لا بالمستعمل الخلق ولا بالمشكل الغلق ،
بل هو أشهى إلى النفوس الخيرة والطباع الحسنة من الخرد الحسان ، فأعلق
بالقلوب من تعلق الجزع بالأمان [3] .
فإن وجدت مثله منسوبا إلى غيره فقل بتفضيله ، وإن رأيت شاردا أو واردا منها عن سواه فلا تعرض عن تبجيله وتقديمه ، وانزل بساحة رفعته
[1]قريب منه في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 24 .
[2]المائة كلمة المختارة من كلام علي عليه السلام ، اختارها الجاحظ في رسالة مشهورة منتشرة اعتنى بها العلماء وشرحوها بشروح عديدة .