قبلها قوله تعالى :
( و آتيناه الحكمة و فصل الخطاب)
و بعدها قوله :
( يا داود انا جعلناك خليفة فى الارض فاحكم بين الناس بالحق)
.
و من المعلوم : ان النبى الذى آتاه الله الحكمة و فصل الخطاب و جعله خليفة فى
الارض و امره ان يحكم بين الناس بالحق , لا يبادر الى الحكم قبل تمام نصاب
التحقيق البتة , فلابد و ان يكون ما صدر منه عليه السلام انما صدر بلسان التعليق
و الأشتراط , اى لو فرض صحة ذلك السؤال لكان ظلما .
فعليه يلزم ان يتادب القاضى بترك التسرع لما كان مثل هذا الحكم ايضا , كما
ان عليه ان يسوى بين الخصمين فى النظر و القول , و ان يعلم ان لسانه بين جمرتين
من النار و ان لسانه وراء قلبه فان كان له قال و ان كان عليه امسك .
و لو لم يتأدب القاضى بالادب الالهى لما كان لقضائه مغزى و ان كان حقا اذ
المعتبر فى نفوذ القضاء امران :
الحسن الفعلى : بان يكون القضاء مطابقا للحق , و الحسن الفاعلى : بان يكون
صادرا عن نفس زكية و قلب مطمئن بالايمان لا يخاف فى الله لومة لائم , اذ القضاة
اربعة , ثلاثة فى النار و واحدة فى الجنة [1] و هو الذى قضى بالحق و هو يعلم
انه حق .
الفصل الرابع
ادب المتخاصمين
قد تبين ان ميزان القضاء هو الوحى الالهى لا غير , و ان المرجع