اسم الکتاب : الرسول الاعظم صلي الله عليه و آله و سلم مع خلفائه المؤلف : باقر شريف القرشي الجزء : 1 صفحة : 46
لبنة على لبنة ، ولم يعد لبالي ثوبه اهتماماً ، قد اكتفى من دنياه
بطمريه ، ومن طعامه بقرصيه ، وهو في جميع أدوار حياته على سمت واحد في
الاستقامة والزهد وقد خاطب دنياه بقوله :
« إليكِ عني يا دنيا فحبلك على غاربك ، قد انسللت من مخالبك وأفلت من حبائلك ، وأجتنبت الذهاب في مداحضك » .
وقد صمم على أن لا ينقاد لدواعي الهوى والغرور فقال :
« وأيم الله يميناً استثنى فيها ـ بمشيئة الله ـ لأروضن نفسي رياضة
تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوماً ، وتقنع بالملح مأدوماً ،
ولأدعن مقلتي كعين ماء نَضبَ معينها مستفرغة دموعها . . . » [1]
لقد عاش أمير المؤمنين عيشة الفقراء البائسين مقتدياً بهداي
ومستناً بسنتي لم يتحل من دنياه بطائل إلا بغمر الناهل [2] وروعة سورة
الساغب [3] فهل من العدل أن أُرشح غيره لمنصب الخلافة ؟
وهل من المنطق أن يؤتمن على دماء المسلمين ، وأموالهم وسائر إمكانياتهم غير الاعفِاء المتحرجين في دينهم الزاهدين في دنياهم ؟
وقد علم المسلمون ما حل بهم من الأحداث والخطوب من جراء ما آل اليه
أمر الخلافة إلى اللصوص والسفاكين من ملوك بني أمية وبني العباس .
لقد احتطت لأمتي ، ووضعت لها المنهاج السليم الذي يقيها من الفتن
والإنحراف ، ويحميها من الإنقلاب والزيغ فجعلت عترتي ولاة الأمر من بعدي ،
ودللت عليهم فقلت :
« إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم لن تضلّوا بعدي أحدهما أعظم
من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ولن
يفترقا