فقال عليه السلام : « غضب الخيل على اللجم » [1] وبادرت اليه وأنت مغيظ محنق فقلت له :
ـ ما حملك على رد رسولي ؟
ـ أما مروان فقد استقبلني يردني ، فرددته عن ردي ، وأما أمرك فلم أرده .
ـ أولم يبلغك أني قد نهيت الناس عن تشييع أبي ذر ؟
ـ أو كل ما أمرتنا به من شيء يُرى طاعة الله ، والحق في خلافه اتبعنا فيه أمرك ؟ !!
ـ أقد مروان ؟
ـ وما أقيده ؟
ـ ضربت بين أذني راحلته .
ـ أما راحلتي فهي تلك ، فإن أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فليفعل ، وأما أنا فوالله لئن شتمني لأشتمنك أنت بمثلها بما لا أكذب فيه ، ولا أقول إلا حقاً .
ـ ولم لا يشتمك إذ شتمته ، فوالله ما أنت عندي بأفضل منه .
هكذا تقول لعلي ، وهو مني بمنزلة هارون من موسى اتعدل بينه وبين الوزغ الأثيم الذي لعنته ولعنت أباه .
علي ليس بأفضل من مروان عندك ، فهل من الدين والإيمان هذا القول ؟ !
والأمر لله وحده وهو الحاكم الفصل فيما أحدثت من هذه الأمور النكراء .
والتفت علي اليك ، وقد التاع من كلامك فقال لك :
« إلي تقول هذا القول ؟ وبمروان تعدلني ؟ ! فأنا والله أفضل منك ، وأبي أفضل من أبيك ، وأمي أفضل من أمك ، وهذه نبلي قد نثلتها . . »
وخرج علي ونفسه مترعة بالحزن والأسى لأنك لم ترع مقامه ، ولم تلحظ جانبه ، كما تألم أشد الألم وأقساه على فراق صاحبي وخليلي أبي ذر .
[1] يضرب مثلا لمن يغضب غضباً لا ينتفع به .