اسم الکتاب : الرسول الاعظم صلي الله عليه و آله و سلم مع خلفائه المؤلف : باقر شريف القرشي الجزء : 1 صفحة : 169
« إني أصرفه حيث اريد » .
وقد أهدرت دمه يوم الفتح ، وإن وجد متعلقاً باستار الكعبة ، ففر
اليك ، وأستجار بك فآويته ، وغيّبته وبعد ما أطمأن أهل مكة ، جئت به إلي
تطلب مني العفو عنه فصمت طويلاً ثم آمنته ، وعفوت عنه ، فلما انصرفت قلت
لأصحابي. ما صمت إلا ليقوم اليه بعضكم فيضرب عنقه ، فقال لي رجل من الأنصار
:
« هلا أومأت إليّ يا رسول الله ؟ » .
فقلت له : « إن النبي لا ينبغي ان تكون له خائنة الأعين » [1] .
ونزلت آية من القرآن بكفره وذمه وهي قوله تعالى : ﴿ ومن أظلم ممن أفترى على الله كذبا وقال أوحي إلي ولم يوح اليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله [2]﴾.
وسبب نزول هذه الآية أنه نزل قوله تعالى : ﴿ ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ﴾ دعوته إلى كتابتها فلما انتهى إلى قوله تعالى : ﴿ ثم انشأناه خلقاً آخر ﴾
عجب عبد الله في تفصيل خلق الانسان ، فقال : تبارك الله أحسن الخالقين ،
فقلت له هكذا نزلت عليَّ ، فشك عبد الله في نبوّتي ، وقال كلمة الكفر .
قال لئن كان محمد صادقاً لقد أوحي إلي كما أوحي اليه ، وإن كان كاذباً لقد قلت كما قال فارتد عن الاسلام ولحق بالمشركين [3] .
أمثل هذا المرتد يكون والياً على المسلمين ، ومؤتمناً على أموالهم
ودمائهم ؟ إن هذا والله هو الرزء القاصم الذي يذيب لفائف القلوب ، وتذوب
النفوس من هوله أسى وحسرات أتمنح أقطار المسلمين إلى الذين لم يألوا جهداً
في البغي على الاسلام والكيد له .
وقد مكث عبد الله والياً على مصر سنين ، وكلف المصريين فوق ما يطيقون ،
[1] تفسير القرطبي 7 ـ 40 ، تفسير الشوكاني 3 ـ 134 ، سنن أبي داود 2 ـ 220 .