عليه ، ولا اعتبار بتفرد من شذ فجوزها في جميع الناس ، لأن أبا
بكر احتج يوم السقيفة على الأنصار في دفعهم لما بايعوا سعد بن عبادة عليها ،
بقول النبي صلى الله عليه وآله( الائمة من قريش ) فانابوا [1] عن التفرد
بها ورجعوا عن المشاركة فيها حين قالوا : منا أمير ومنكم أمير ، تسليما
لروايته ، وتصديقا لخبره ، ورضوا بقوله ( نحن الامراء وأنتم الوزراء ) وقال
النبي صلى الله عليه وآله : قدموا قريشا ولا تتقدموها .
وليس مع هذا النص المسلم شبهة لمنازع فيه ، ولا قول لمخالف له .
فصل : والامامة تنعقد من وجهين : أحدهما باختيار أهل الحل والعقد ،
والثاني : بعهد الامام من قبل ، فأما انعقادها باختيار أهل العقد والحل ،
فقد اختلف العلماء في عدد من تنعقد به الامامة ، فهم على مذاهب شتى : فقالت
طائفة : لا ينعقد الا بجمهور أهل العقد والحل من كل بلد ، ليكون الرضا به
عاما ، والتسليم لامامته اجماعا ، وهذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر على
الخلافة باختيار من حضرها ، ولم ينتظر بها قدوم غائب عنها ، وكذلك بويع في
الشورى من لم ينتظر ببيعة قدوم غائب .
وقالت طائفة اخرى : أقل من تنعقد به الامامة منهم خمسة يجتمعون على
عقدها ، أو يعقدها أحدهم برضا الأربعة ، استدلالا بأمرين : أحدهما : أن
بيعة أبي بكر انعقدت بخمسة اجتمعوا عليها ، ثم تابعهم الناس فيها ، وهم :
عمر بن الخطاب ، وعبيدة بن الجراح ، واسيد بن خضير ، وبشير بن سعد ، وسالم
مولى أبي حذيفة .
والثاني : أن عمر جعل الشورى في ستة ليعقد لأحدهم برضا الخمسة ، وهذا قول أكثر الفقهاء والمتكلمين من أهل البصرة .
وقال آخرون من علماء الكوفة : ينعقد بثلاثة منهم يتولاها أحدهم برضا
الاثنين ، ليكونوا حاكما وشاهدين ، كما يصح عقد نكاح بولي وشاهدين .