اسم الکتاب : قوت القلوب المؤلف : ابوطالب مکی الجزء : 2 صفحة : 401
اللوم عليها و تشبّه لهنّ بها. و قال الله فيهن حين أفشين سرّ النبي صلى
الله عليه و سلم: إِنْ تَتُوبا إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما
[التحريم: 4]. يعن مالت إلى الهوى فأمرهما بالتوبة للميل إلى الهوى. ثم
قال: و إن تظاهرا عليه يعني تعاونا و هما من خير الأزواج فما ظنك بمن
شاكلته الجهالة و وصف الهوى و الضلالة؟
و في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم: ما أفلح قوم تملكهم امرأة. و
قال الله تعالى مخبرا بعداوة بعض الأزواج و الأولاد: إِنَّ من
أَزْواجِكُمْ وَ أَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن:
14]. يعني في الآخرة لانحطاطكم في أ هوائهم و ميلكم إلى و هن آرائهن،
فصاروا عدوّا غدا. كيف و قد تكون المرأة و الولد أعدى عدو للرجل اليوم بل
يوم القيامة إذا خالفهم في أ هوائهم و عمل بالعلم في أحوالهم و قد كان
إبراهيم بن أدهم يقول: من تعوّد أفخاذ النساء لم يفلح. و كان بشر رحمه الله
يقول: لو كان لي عيال لخشيت أن أكون جلّادا على الجسر، فالوحدة أروح للقلب
و أقلّ للهمّ لخفة المئونة و قلة المطالبة و أمن المنازعة و سقوط حكم من
أحكام الشرع عنه. و قد كان السلف يعملون في إسقاط الحكم عنهم للعجز عن
القيام بها، و يغتنمون ذلك، و في التخلي قلة الاهتمام بالادخار و الجمع، و
ترك المراعاة، و التحفظ للمبيت في البيت، و سقوط المسألة و الاستخبار، و
ترك التجسس للآثار التي نهى الله و رسوله عنها إذ لا يأمن ذلك مع الزوجة
السوء، و إنما زهد الزاهدون في الدنيا لراحة القلب و اطّراح الهمّ و سقوط
المطالبة، و قد أبيحت العزبة و فضل التعزب لهذه الأمة في آخر الزمان. بعد
المائتين أبيحت العزبة لأمتي، و لأن يربي أحدكم جرو كلب خير من أن يربي
ولدا. و الخبر المشهور: خير الناس بعد المائتين الخفيف الحاد الذي لا أهل
له و لا ولد. و في خبر آخر: يأتي على الناس زمان يكون هلاك الرجل على يدي
زوجته و أبويه و ولده، يعيّرونه بالفقر و يحمّلونه ما لا يطيق، فيدخل
المداخل التي يذهب فيها دينه فيهلك و ربما كانت المرأة عقوبة للعبد.
و قد حدثونا في أخبار الأنبياء عليهم السلام أنّ قوما دخلوا على يونس عليه
السلام فأضافهم، و كان يدخل و يخرج إلى منزله فتؤذيه امرأته و تستطيل عليه و
هو ساكت، فعجبوا من ذلك، و هابوه أن يسألوه فقال: لا تعجبوا من هذا، فإني
سألت الله عزّ و جلّ فقلت: يا ربّ ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في
الدنيا فقال: إنّ عقوبتك ابنة فلان فتزوّج بها، فتزوّجت بها و أنا صابر على
ما ترون منها، و هذا كله لمن لم يخش العنت، فأما من خاف العنت و هو الزنا،
و أصل العنت في اللغة هو الكسر بعد جبر، يقال للدابة إذا كسرت بعد ما جبرت
قد عنتت، فكأنه كان مجبورا بالعصمة و بالتوبة ثم كسر بالزلل أو العادة
اسم الکتاب : قوت القلوب المؤلف : ابوطالب مکی الجزء : 2 صفحة : 401