responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قوت القلوب المؤلف : ابوطالب مکی    الجزء : 2  صفحة : 402
السوداء فنكاح الأمة حينئذ خير له من العنت، و الصبر عن نكاح الأمة خير من نكاحها، و هذا معنى قوله عزّ و جلّ في نكاح الأمة: ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ [النساء: 25]. و كذلك إن كثرت الخواطر الردية و الوساوس الدنية في قلبه بذكر النكاح فشغله ذلك عن فرضه أو شتت ذلك همه، فإن نكاح الأمة أيضا خير له على أنّ نكاح الأمة محرم على من وجد طولا بحرة. انصرف الناس ذات يوم من مجلس ابن عباس و بقي شاب لم يبرح، فأطال القعود فقال له ابن عباس: هل لك من حاجة فقال: نعم، لي حاجة استحيت أن أسألك عنها بحضرة الملإ قال: سلني عمّا شئت قال: إني أهابك و أجلك فقال ابن عباس: إنما العالم بمنزلة الوالد لا حشمة على السائل منه، فمهما أفضيت به إلى أبيك فأفض به إليّ فإنه لا عيب عليك عندي فقال: رحمك الله إني شاب لا زوجة لي و ربما خشيت العنت على نفسي، و ربما استمنيت بذكري فهل لي في ذلك معصية، فأعرض عنه ابن عباس رضي الله عنهما ثم قال: أف و تف، نكاح الأمة خير من هذا، و هذا خير من الزنا، و نكاح الأمة عند علماء العراق حرام على من وجد عشرة دراهم، و عند بعض علماء الحجاز إذا كان واجدا ثلاثة دراهم لم يحل له نكاح الأمة، و عن بعض أصحاب ابن المسيب إن وجد الرجل درهمين حرم عليه الأمة، و قال بعض الناس: أحمق الناس حرّ تزوّج بأمة، و أعقل الناس عبد تزوّج بحرّة، لأن هذا يعتق بعضه و ذلك يرق بعضه، لأنه يرق ولده و قد جاء في كراهة الاستمناء و تحريمه و التغليظ فيه أخبار شديدة. روينا أنّ الله عزّ و جلّ أهلك أمة من الأمم كانوا يعبثون بمذاكيرهم، و قد أسنده إسماعيل بن أبان عن أنس بن مالك. و سئل أبو محمد عن النساء فقال: الصبر عنهن و لا الصبر عليهن، و الصبر عليهن خير من الصبر على النار، و كذلك قال بعض العلماء قبله: معالجة العزبة خير من معالجة النساء و قال بعض علمائنا البصريين من أهل الورع و اليقين، و قد سئل عن التزويج في مثل زماننا، فذكر ضيق المكاسب و قلة الحلال و كثرة فساد النساء، فكرهه للورع و أمره بالمدافعة فأعيد عليه في ذلك، فقال إنه يدخل في المعاصي لدخول الإنسان في الآفات و في المكاسب المحرمات و من أكله بدينه و تصنعه للخلق، فلا يصلح التزويج في هذا الوقت إلّا لرجل يدركه من الشبق ما يدرك الحمار إذا نظر إلى أتان، لم يملك نفسه أن يثب عليها حتى يضرب رأسه، و هو لا ينثني، فإن كان الإنسان على مثل هذا الوصف كان التزويج له أفضل. و قد روينا عن قتادة في قوله عزّ و جلّ: وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا به [البقرة: 286]. قال الغلمة و عن عكرمة و مجاهد رضي الله عنهما و خلق الإنسان ضعيفا قال: لا يصبر عن النساء.

اسم الکتاب : قوت القلوب المؤلف : ابوطالب مکی    الجزء : 2  صفحة : 402
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست