responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إسلام معية الثقلين لا المنسلخ المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 25

(وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَ ما قَتَلُوهُ يَقِيناً)، ولأجل هذا تجد الفخر الرازي وقع في حيص وبيص، واستغرب من تشكيك القرآن الكريم في حجية الحس. [1]


[1]- قال الرازي في مفاتيح الغيب: إعلم أنه تعالى لما حكى عن اليهود أنهم زعموا أنهم قتلوا عيسى (ع) فالله تعالى كذبهم في هذه الدعوى وقال:(وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ).

وفي الآية سؤالان:

السؤال الأول: قوله شُبّهَ مسند إلى ماذا إن جعلته مسنداً إلى المسيح فهو مشبّه به وليس بمشبه وإن أسندته إلى المقتول فالمقتول لم يجر له ذكر.

والجواب من وجهين:

الأول: أنه مسند إلى الجار والمجرور وهو كقولك خيل إليه كأنه قيل ولكن وقع لهم الشبه،

الثاني: أن يسند إلى ضمير المقتول لأن قوله:(وَ ما قَتَلُوهُ) يدل على أنه وقع القتل على غيره فصار ذلك الغير مذكوراً بهذا الطريق فحسن إسناد شُبّهَ إليه.

السؤال الثاني: أنه إن جاز أن يقال أن الله تعالى يلقي شبه إنسان على إنسان آخر فهذا يفتح باب السفسطة فإنا إذا رأينا زيداً فلعله ليس بزيد ولكنه ألقى شبه زيد عليه وعند ذلك لا يبقى النكاح والطلاق والملك موثوقاً به، وأيضاً يفضي إلى القدح في التواتر، لأنّ خبر التواتر إنما يفيد العلم بشرط انتهائه في الآخرة إلى المحسوس، فإذا جوّزنا حصول مثل هذه الشبهة في المحسوسات توجه الطعن في التواتر، وذلك يوجب القدح في جميع الشرائع، وليس لمجيب أن يجيب عنه بأن ذلك مختص بزمان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لأنا نقول: لو صح ما ذكرتم فذاك إنما يعرف بالدليل والبرهان، فمن لم يعلم ذلك الدليل وذلك البرهان وجب أن لا يقطع بشي‌ء من المحسوسات ووجب أن لا يعتمد على شي‌ء من الأخبار المتواترة، وأيضاً ففي زماننا إن انسدت المعجزات فطريق الكرامات مفتوح وحينئذ يعود الاحتمال المذكور في جميع الأزمنة. وبالجملة ففتح هذا الباب يوجب الطعن في التواتر والطعن فيه يوجب الطعن في نبوّة جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فهذا فرع يوجب الطعن في الأصول فكان مردوداً.

والجواب: اختلفت مذاهب العلماء في هذا الموضع وذكروا وجوهاً:

الأول: قال كثير من المتكلمين إن اليهود لما قصدوا قتله رفعه الله تعالى إلى السماء فخاف رؤساء اليهود من وقوع الفتنة من عوامهم، فأخذوا إنساناً وقتلوه وصلبوه ولبسوا على الناس أنه المسيح والناس ما كانوا يعرفون المسيح إلّا بالاسم لأنه كان قليل المخالطة للناس وبهذا الطريق زال السؤال لا يقال إن النصارى ينقلون عن أسلافهم أنهم شاهدوه مقتولًا لأنا نقول إن تواتر النصارى ينتهي إلى أقوام قليلين لا يبعد اتفاقهم على الكذب.

والطريق الثاني: أنه تعالى ألقى شبهه على إنسان آخر ثم فيه وجوه:

الأول: أن اليهود لما علموا أنه حاضر في البيت الفلاني مع أصحابه أمر يهوذا رأس اليهود رجلًا من أصحابه يقال له: (طيطايوس) أن يدخل على عيسى (ع) ويخرجه ليقتله، فلما دخل عليه أخرج الله عيسى (ع) من سقف البيت وألقى على ذلك الرجل شبه عيسى، فظنوه هو فصلبوه وقتلوه.

الثاني: وكلوا بعيسى رجلًا يحرسه وصعد عيسى (ع) في الجبل ورفع إلى السماء وألقى الله شبهه على ذلك الرقيب فقتلوه وهو يقول: لست بعيسى.

الثالث: أنّ اليهود لمّا همَّوا بأخذه وكان مع عيسى عشرة من أصحابه فقال لهم: من يشتري الجنة بأن يلقى عليه شبهي؟ فقال واحد منهم: أنا! فألقى الله شبه عيسى عليه، فأخرج وقتل ورفع الله عيسى (ع).

الرابع: كان رجل يدعي أنه من أصحاب عيسى (ع) وكان منافقاً، فذهب إلى اليهود ودلَّهم عليه، فلما دخل مع اليهود لأخذه ألقى الله تعالى شبهه عليه فقتل وصلب.

وهذه الوجوه متعارضة متدافعة، والله أعلم بحقائق الأمور.

اسم الکتاب : إسلام معية الثقلين لا المنسلخ المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 25
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست