responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوحيد في المشهد الحسيني و انعكاسه على خارطة مسؤوليات العصرالراهن المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 56

وَمِنْ المواقف الواضحة والجليّة لامتلاك عليّ (ع) نفسه عِنْدَ الغضب حين بصق في وجهه المبارك ابن عبد ودّ العامري، فتركه برهة مِنْ الزمن حتّى سكت عَنْ أميرنا الغضب فقتله لله.

لكن الموقف الآخر الأصعب والأكثر غموضاً هُوَ حين غصبت منه الخلافة، لأنَّه ملك نفسه لسنين طويلة وعديدة لا يطيقها ولا يتحمّلها لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، حيث رأى تراثه نهباً، وَهُوَ البطل الضرغام الذي لا يشقّ له غبار.

وتعال معي لنراه كيف يصف حاله، في الخطبة المعروفة بالشقشقية، قال (ع): «أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَها ابن أبي قحافة أخو تيم، وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّيَ مِنهَا مَحَلُّ القُطْبِ مِنَ الرَّحَا، يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، وَلا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ، فَسَدَلْتُدُونَهَا ثَوْباً، وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً، وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَد جَذَّاءَ، أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةعَمْيَاءَ، يَهْرَمُ فيهَا الكَبيرُ، وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ. فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى، فَصَبَرتُ وَفي الْعَيْنِ قَذىً، وَفي الحَلْقِ شَجاً، أرى تُرَاثينَهْباً، ... فَصَبرتُ عَلَى طُولِ المُدّة وَشِدّة المِحْنة» [1].

والخطبة أوضح مِنْ أنْ نُعَلّق عليها فهُنا الإمام يُبيّن جانب الصبر، وَيَبيِّن كيف مسك أعصابه، وصبر مَعَ طول المُدّة وليسَ فقط ذلك، بلْ صبر عَلَى ما أحدث بَعْدَ رسول الله (ص) مِنْ تحريف للدين، فهُنا تظهر الشدّة مَعَ قُوّة وشدة الغضب كي يتسنى لَهُ حسن المعالجة والإدارة لدفع سلبيات الحدث، والقُدرة عَلَى إدارة الأزمات ممّا كَانَ يديرها في زمن رسول الله (ص) معه (ص)، شعاره‌


[1] علل الشرائع: ج 15: 1.

اسم الکتاب : التوحيد في المشهد الحسيني و انعكاسه على خارطة مسؤوليات العصرالراهن المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست