إِنَّهُ بَاتَ سَالِماً، وَ أَصْبَحَ مَذْبُوحاً مِنْ أُذُنِهِ إِلَى أُذُنِهِ، وَ يُطَالَبُ بِدَمِهِ خَمْسُونَ رَجُلًا (يَقْصِدُ) بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَاكْشِفِ الشَّكَّ وَ الرَّيْبَ يَا أَخَا مُحَمَّدٍ، قَالَ الْإِمَامُ (عليه السلام): قَتَلَهُ عَمُّهُ، لِأَنَّهُ زَوَّجَهُ بِنْتَهُ فَخَلَاهَا، وَ تَزَوَّجَ غَيْرَهَا، فَقَتَلَهُ حَنَقاً [1].
فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لَسْنَا نَقْنَعُ بِقَوْلِكَ، فَإِنَّا نَبْغِي أَنْ يَشْهَدَ لِنَفْسِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ مَنْ قَتَلَهُ لِيَرْتَفِعَ السَّيْفُ، وَ الْفِتْنَةُ، وَ الْقِتَالُ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ عَلِيٌّ (عليه السلام) فَحَمِدَ اللَّهَ، وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ ذَكَرَ النَّبِيَّ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَ قَالَ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، مَا بَقَرَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ اللَّهِ أَجَلَّ مِنِّي قَدْراً، وَ أَنَا أَخُو رَسُولِ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم).
وَ إِنَّهَا أَحْيَتْ مَيِّتاً بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ دَنَا مِنَ الْمَيِّتِ.
وَ قَالَ: إِنَّ بَقَرَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ضُرِبَ بِبَعْضِهَا الْمَيِّتُ فَعَاشَ.
وَ أَنَا لَا أَضْرِبُهُ بِبَعْضِي إِلَّا أَنَّ بَعْضِي خَيْرٌ مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ هَزَّهُ بِرِجْلِهِ، وَ قَالَ: قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ يَا مُدْرِكَةَ بْنَ [2] حَنْظَلَةَ بْنِ غَسَّانَ بْنِ بَحِيرِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ الطَّيِّبِ [3] بْنِ الْأَشْعَثِ فَقَدْ أَحْيَاكَ اللَّهُ عَلَى يَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) ..
قَالَ مِيثَمٌ التَّمَّارُ: فَنَهَضَ غُلَامٌ أَضْوَءُ مِنَ الشَّمْسِ أَضْعَافاً، وَ أَحْسَنُ مِنَ الْقَمَرِ أَوْصَافاً.
وَ قَالَ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى الْأَنَامِ الْمُتَفَرِّدَ بِالْفَضْلِ وَ الْإِنْعَامِ فَقَالَ: مَنْ قَتَلَكَ؟ قَالَ: قَتَلَنِي عَمِّي الْحَارِثُ بْنُ غَسَّانَ.
قَالَ لَهُ: انْطَلِقْ إِلَى قَوْمِكَ، وَ أَخْبِرْهُمْ بِذَلِكَ، قَالَ: يَا مَوْلَايَ، لَا حَاجَةَ لِي إِلَيْهِمْ، أَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِي مَرَّةً أُخْرَى، وَ لَا يَكُونَ عِنْدِي
[1] الحنق: الغيظ و الحقد.
[2] في البحار: (مدرك بن حنظلة بن غسّان بن بحير بن سلامة بن الطّيب بن الأشعث).
[3] في نسخة: (الطّبيب).