فاطمة
هي المرأة التي عاشت ذروة المظلوميّة، ورغم مصائبها الكثيرة- لا سيّما مصيبة فقد
النبيّ صلى الله عليه و آله وحسّاسيّة الموقف بحيث إنّ الشخص العادي لا يستطيع
التفوّه بكلمته الاعتياديّة- قامت بإيراد خطبتها الغرّاء
[1] أمام الحكّام ورموز القوم، حتّى أنّ أرباب المعرفة عجزوا عن إدراك
هذا الأمر؛ وهو أنّ امرأة في مثل هذه الظروف العصيبة كيف تستطيع أن تتكلّم بمثل
ذلك الكلام المتين والمستدلّ، لاسيّما المطالب المتعلّقة بمسائل مهمّة جدّاً؛ من
التوحيد والنبوّة والإمامة؛ وكذلك توبيخ وتقريع الأشخاص الذين فضّلوا الراحة
والقعود، وتركوا أداء واجبهم الرسالي وتكليفهم الإلهي، وسكتوا عن الحقّ تجاه
الظالمين.
أجل،
يجب علينا أن نعترف بأنّنا ومع الأسف لم نتمكّن من التعرّف على هذه الجوهرة
اليتيمة بعد مضيّ أكثر من ألف وأربعمائة عام، والأنكى من ذلك أنّ الجهل والأهواء
النفسانيّة والانخداع بالأفكار الجديدة ظاهراً دفعت ببعض المنحرفين عن جادّة
الصواب إلى التشكيك في مقاماتها الرفيعة.