responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الاسلامية المؤلف : الفاضل اللنكراني، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 56

نسيان الذات‌

يتحلّى البعض بالإيمان والالتزام والشفقة والنهوض بالمسؤولية، حتّى أنّ إيمانه والتزامه يدفعه لتوجيه بعض الانتقادات- ماعدا أولئك الذين ينتقدون من موقع الترف الفكري واستعراضاً للذات وتمتّعهم بالثقافة بينما ليسوا مستعدّين للنهوض بأيّة مسؤولية- إلى مسؤولي البلاد ومراقبة أعمالهم وما يصدر منهم، إلّا أنّهم وبمجرّد وصولهم للسلطة والأخذ بزمام الامور ينسون أعمالهم وتصرّفاتهم، بل ينسون أنفسهم وكأنّ تسلّمهم المسؤولية قد أزال كلّ نقص وجعل الأوضاع تنتظم وتعود إلى مجاريها الطبيعية.

ولذلك يذكِّر الإمام علي عليه السلام مالكاً بالماضي القريب- والذي كان يوجّه فيه انتقاداته- بهدف الحيلولة دون نسيان الذات والتي تقود بالتالي إلى العجب والاغترار بالنفس، فيخاطبه عليه السلام قائلًا: «ثُمَّ اعْلَمْ يَا مَالِكُ أَنِّي قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلَى بِلادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ، مِنْ عَدْلٍ‌ [1] وَجَوْرٍ، وَأَنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ فِي مِثْلِ مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلاةِ قَبْلَكَ، وَيَقُولُونَ فِيكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِيهِمْ».

وهنا نتساءل لو أخذ المسؤولون هذه الوصية بنظر الاعتبار وحاسبوا أنفسهم بينهم و بين اللَّه- دون تحكيم أهوائهم وإراداتهم وقبل أن تنظر الامّة في أعمالهم وتصرّفاتهم- فهل ستبقى هنالك من مصاعب ومطبّات في هذه المسيرة؟


[1]هناك رأيان في مراده عليه السلام بدول العدل قبل مالك: أحدهما أن نقول: المراد عصر حكومة سعد بن قيس ومحمّد بن أبي بكر، والثاني أن يكون المراد حكومة نبيّ اللَّه يوسف عليه السلام؛ وذلك لأنّ لفظة الدولة لا تصدق على ولاية سعد بن قيس ومحمّد بن أبي بكر.

اسم الکتاب : الدولة الاسلامية المؤلف : الفاضل اللنكراني، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست