وعليه:
فيقع السؤال عن وجه التحريف وعلّة التغيير مع عدم ترتّب فائدة عليه أصلًا، كما لا
يخفى.
وإلى
أنّ الآية الواقعة في الرواية الثالثة معناها عدم استقلال النبيّ صلى الله عليه و
آله في شيء؛ فإنّ مفاد «اللّام» هو الاختصاص بمعنى الاستقلال، كما في مثل قوله-
تعالى-: «إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّآ إِلَيْهِ رَ جِعُونَ»[1]، ومع ثبوت الاستقلال للَّهوانحصاره
به يصحّ نفيه عن غيره ولو كان نبيّاً؛ فإنّ النبوّة لا تخرج النبيّ عن وصف الإمكان
في مقابل الوجوب، والممكن كما قد ثبت في محلّه
[2] ذاته الافتقار والاحتياج والربط والاتّصال، وبلوغه إلى أعلى مراتب
الكمال لا يغيّر ذاته، ولا يوجب ثبوت وصف الاستقلال له.
وعليه:
فلا يبقى للإيراد على الآية مجال، ولا منافاة بين هذه الآية، وبين سائر الآيات
المذكورة في الرواية، الدالّة على وجوب الأخذ بما آتاه الرسول والانتهاء عمّا نهى
عنه، ولزوم الإطاعة له، وأ نّ إطاعته إطاعة اللَّه تعالى؛ ضرورة أ نّ جميع هذه
الخصائص لا ينافي عدم الاستقلال، بل ربما يؤيّده ويثبته؛ لأنّ هذه الامتيازات من
شؤون كونه رسولًا نبيّاً مبلِّغاً عن اللَّه تعالى، ومرتبطاً بمبدإ الوحي، فكيف
يجتمع مع الاستقلال؟ فتأمّل حتّى لا يختلط عليك الأمر.
الطائفة
الخامسة: الروايات الدالّة على وقوع النقيصة في القرآن بتعبيرات مختلفة
ومضامين متعدّدة، فقسم منها يدلّ على أنّ عدد آيات الكتاب أزيد من العدد الموجود،
وقسم آخر يدلّ على أنّ السورة الفلانية كان عدد آياتها أزيد ممّا