ملاحظة
ما قدّمناه [1] من أنّ القرآن كان من حين نزوله
متّصفاً بأنّه هي المعجزة الوحيدة الخالدة، التي يتوقّف أساس الدين وأصل الشريعة
على بقائها ووجودها بين الناس كما نزلت إلى يوم القيامة.
وسيأتي
البحث [2] عن مصحف أمير المؤمنين عليه السلام
وامتيازه عن المصحف المعروف، وأ نّه لا يتفاوت معه في شيء يرجع إلى أصل القرآن
وآياته أصلًا.
ومانقله
من أنّ ابن مسعود وأُبيّاً وغيرهما لا يكون الاعتماد فيه على ضعاف الأخبار
العامّية، بل على الأمر المعروف بين المسلمين من وجود مصحف لكلّ واحد منهم، وظهور
كون جمعهم في عهد النبيّ صلى الله عليه و آله وعصره.
وأ
مّا عن إيراده على البلخي: فإنّ النقض بمسألة الخلافة على طبق عقيدته فاسد، خصوصاً
لو كان مستنده ما ينسبونه إلى النبيّ صلى الله عليه و آله: لا تجتمع امّتي على خطإ [3]، كما هو واضح، واختلاف المسألتين
وتفاوتهما، وانحصار الإعجاز في الكتاب ممّا لا ريب فيه، وأ نّ المراد من الجمع
والتأليف- الذي فوّض النبيّ صلى الله عليه و آله أمره إلى من فوّض إليه جميع
اموره- إن كان الجمع بنحو يرجع إلى ترتيب الآيات والسور بحيث لم يكن في عهده صلى
الله عليه و آله مواقع الآيات مبيّنة، ولا مواضعها مشخّصة، فنحن نمنع ذلك حتّى
يحتاج النبيّ صلى الله عليه و آله إلى التفويض إلى عليّ عليه السلام، وإن كان
المراد الجمع في محلّ واحد كقرطاس ومصحف، فهذا لا ينافي ما ذكره البلخي بوجه، ولا
يرجع إلى عدم كون القرآن مرتّباً في زمن النبيّ صلى الله عليه و آله.