responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدخل التفسير( طبع جديد) المؤلف : الفاضل اللنكراني، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 28

البالغ بتلك الخصوصيّة حدّاً يعجز البشر عن الإتيان بمثله.

وعليه: فما ذهب إليه من وصف بأنّه شيطان المتكلِّمين‌ [1]؛ من القول بالصرف في إعجاز القرآن، وأنّ اللَّه صرف الناس عن الإتيان بمثله مع ثبوت وصف القدرة لهم، وتوفّر دواعيهم عليه‌ [2]، منافٍ لما هو ظاهر الآية الشريفة، المعتضد بما هو المرتكز في أذهان المتشرّعة من بلوغ القرآن علوّاً وارتفاعاً إلى حدٍّ لا تصل إليه أيدي الناس، ولا محيص لهم إلّاالاعتراف بالعجز والقصور والخضوع لديه.

فهذا القول باطل من أصله وإن استصوبه الفخر الرازي في تفسيره، واختاره،


[1] وهو أبو إسحاق إبراهيم بن سيّار النظّام، شيخ الجاحظ؛ وهو من زعماء المعتزلة، ونسبت إليه الفرقة النظاميّة، توفي سنة بضع وعشرين ومائتين في خلافة المعتصم العباسي أو الواثق.

ترجمته في سير أعلام النبلاء للذهبي 9: 213- 214 الرقم 1710.

وذكر الرافعي في إعجاز القرآن والبلاغة النبويّة: 101، بأنّ النظّام شيطان المتكلّمين، وأنّه من شياطين أهل الكلام.

[2] فقد ذهب إلى القول بالصرفة عددٌ من علماء المعتزلة وغيرهم وإن اختلفوا في المقصود منها.

فأبو إسحاق النظّام، ذهب إلى‌ أنّ إعجاز القرآن إنّما كان ب «الصِّرفة» أي: أنّ اللَّه- عزّ وجلّ- صرف البشر عن معارضة القرآن مع قدرتهم عليها، وخلق فيهم العجز عن محاكاته في أنفسهم وألسنتهم، ولولا أنّ اللَّه صرفهم عن ذلك لاستطاعوا أن يأتوا بمثله؛ أي كان مقدوراً لهم، ولكن عاقهم أمر خارجيّ.

.. وقد بالغ النظّام في القول بالصرفة حتى عُرِفت به، فصوّبه فيه قوم وشايعه عليه آخرون فيما خالفه جمع كثير، وكان من ردودهم عليه واعتراضاتهم أنّ قوله هذا يستلزم كون القرآن ليس معجزاً بذاته بل بأمر خارجي، بل الصرفة هي المعجزة لا القرآن.

... [انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ت 671 ه) دار إحياء التراث العربي، بيروت، الجزء الأوّل: 75- 76]، الإتقان في علوم القرآن 4: 7، إعجاز القرآن والبلاغة النبويّة: 101، التبيان في علوم القرآن للصابوني: 149.

وممّن ذهب إلى‌ هذا القول الشيخ المفيد؛ وهو من علماء الإماميّة، حيث قال في جهة إعجاز القرآن: إنّ جهة ذلك هو الصّرف من اللَّه- تعالى- لأهل الفصاحة واللّسان عن المعارضة للنبيّ صلى الله عليه و آله بمثله في النّظام عند تحدّيه لهم، وجعل انصرافهم عن الإتيان بمثله- وإن كان في مقدورهم- دليلًا على‌ نبوّته صلى الله عليه و آله، واللطف من اللَّه- تعالى‌ مستمرّ في الصّرف عنه إلى آخر الزمان، وهذا من أوضح برهان في الإعجاز وأعجب بيان، وهو مذهب النظّام، وخالف فيه جمهور أهل الاعتزال.

[أوائل المقالات، المطبوع ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد 4: 63].

اسم الکتاب : مدخل التفسير( طبع جديد) المؤلف : الفاضل اللنكراني، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 28
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست