عدم البيّنة يقدّم قول منكر الحوالة، سواء كان هو المحيل أو
المحتال، و سواء كان ذلك قبل القبض من المحال عليه أو بعده، و ذلك لأصالة بقاء
اشتغال ذمّة المحيل للمحتال، و بقاء اشتغال ذمّة المحال عليه للمحيل، و أصالة عدم
ملكيّة المال المحال به للمحتال، و دعوى أنّه إذا كان بعد القبض يكون مقتضى اليد
ملكيّة المحتال، فيكون المحيل المنكر للحوالة مدّعياً، فيكون القول قول المحتال في
هذه الصورة، مدفوعة بأنّ مثل هذه اليد لا يكون أمارة على ملكيّة ذيها، فهو نظير ما
إذا دفع شخص ماله إلى شخص و ادّعى أنّه دفعه أمانة، و قال الآخر: دفعتني هبة أو
قرضاً، فإنّه لا يقدّم قول ذي اليد.
هذا كلّه إذا لم يعلم اللفظ الصادر منهما، و أمّا إذا علم و
كان ظاهراً في الحوالة أو في الوكالة فهو المتّبع، و لو علم أنّه قال: أحلتك على
فلان، و قال: قبلت، ثمّ اختلفا في أنّه حوالة أو وكالة، فربما يقال: إنّه يقدّم
قول مدّعي الحوالة؛ لأنّ الظاهر من لفظ أحلت هو الحوالة المصطلحة و استعماله في
الوكالة مجاز، فيحمل على الحوالة، و فيه: منع (1) الظهور المذكور. نعم، لفظ
الحوالة ظاهر في الحوالة المصطلحة، و أمّا ما يشتقّ منها كلفظ أحلت فظهوره فيها
ممنوع، كما أنّ لفظ الوصيّة ظاهر في الوصيّة المصطلحة، و أمّا لفظ «أوصيت» أو
«أُوصيك بكذا» فليس كذلك، فتقديم قول مدّعي الحوالة في الصورة المفروضة محلّ منع.
(1) في المنع منع،
و تقديم مدّعي الحوالة لا يخلو عن قوّة.