و لا يخفى أنّ حكمنا بنفي التأخّر و قسيميه إنّما هو على
نحو السالبة المحصّلة الصادقة مع انتفاء الموضوع، كقولنا: شريك الباري ممتنع، و
نظائره، و إلى هذه- أي القضية السالبة المحصّلة- يرجع كلّ ما ورد في الكتب العقلية
ممّا يوهم بظاهره أنّ العدم له تقرّر، و يكون من الامور النفس الأمرية، مثل قولهم:
عدم العلّة علّة للعدم، و كذا عدم المانع مصحّح لفاعلية الفاعل، أو قابلية القابل،
و أشباههما، فإنّه لا ينبغي الاغترار بظاهر هذه الجملات بعد كون الأمر في محلّه
واضحاً ضروريّاً، فإنّ التعبير بأمثال هذه العبارات إنّما وقع على سبيل المسامحة
قياساً إلى الوجود و تشبيهاً به، و الغرض منه تسهيل الأمر على المتعلّمين اتّكالًا
على ما أوضحوه في محلّه، كما لا يخفى.
و بالجملة، فالعدم ليس له تقرّر و واقعيّة حتّى يؤثّر في
شيء أو يتأثّر من شيء، و معه فلا يبقى مجال للنزاع في مقدّمية عدم الضدّ لوجود
الضدّ الآخر و عدمها أصلًا، كما لا يخفى.
مقالة المحقّق الأصفهاني في المقام
و ممّا ذكرنا يظهر النظر فيما ذكره بعض المحقّقين من محشّي
الكفاية، فإنّه قدس سره بعد ذكر التقدّم بالعلّية و التقدّم الطبعي و بيان الفرق
بينهما و أنّ ما فيه التقدّم في الثاني هو الوجود، و في الأوّل وجوب الوجود، و ذكر
أنّ منشأ التقدّم الطبعي تارة كون المتقدّم من علل قوام المتأخّر، كالجزء و الكلّ،
و اخرى كون المتقدّم مؤثّراً، فيتقوّم بوجوده الأثر، كالمقتضي بالإضافة إلى
المقتضى، و ثالثة كون المتقدّم مصحّحاً لفاعليّة الفاعل، كالوضع و المحاذاة
بالنسبة إلى إحراق النار، أو متمّماً لقابلية القابل، كخلوّ المحلّ عن الرطوبة و
خلوّ الموضوع عن السواد عند عروض البياض، و بعد الاستشكال في الدور الذي ذكره في