لا
درهم له و لا متاع، قال: ليس ذلك المفلس، و لكن المفلس من يأتي يوم القيامة حسناته
أمثال الجبال، و يأتي و قد ظلم هذا و أخذ من عرض هذا، فيأخذ هذا من حسناته و هذا
من حسناته، فإن بقي عليه شيء أخذ من سيئاتهم فيردّ عليه ثمّ صار إلى النار [1][2]، و لكن تفسيره بما في
المتن تفسير له بما هو المقصود عند المتشرّعة و الفقهاء؛ من أنّ المفلّس من حجر
عليه عن ماله لقصوره عن ديونه، و لازمه عدم صدقه قبل أن يحجر عليه الحاكم، مع أنّ
مقتضى ما ذكرنا أنّ الفلس يوجب الحكم بالحجر، لا أنّه غير متحقّق قبل الحكم، إلّا
أن يقال بالفرق بين المفلس بالكسر و عدم التشديد و المفلّس بالفتح و التشديد، نظرا
إلى أنّ الثاني لا يمكن أن يتحقّق قبل الحجر.
و
كيف كان، فقد ذكر في المسألة الاولى أنّ من كثرت عليه الديون و لو كانت أضعاف
أمواله يجوز له التصرّف فيها بأنواعه، و نفذ أمره فيها بأصنافه كما هو مقتضى
القاعدة؛ لأنّ الدّين أمر و المال أمر آخر، فيجوز له إخراج الأموال جميعا عن ملكه
و لو مجّانا. نعم، حيث إنّ المقصود للشارع عدم تضييع أموال الناس و ذهابها جعل
للحاكم الشرعي أن يحجره عن التصرّف في أمواله، كما أنّه لو كان صلحه عن أمواله التي
تكون الدّيون أكثر منها أو هبتها لأجل الفرار من أداء الديون تشكل الصحّة و لو قبل
حجر الحاكم، خصوصا فيما إذا لم يرج حصول مال آخر له بإرث أو اكتساب أو نحوهما؛
لأنّ مرجع ذلك إلى الإخلال بالديون التي
[1] انظر المسند لاحمد بن حنبل: 3/ 169 ح 8035،
صحيح مسلم: 4/ 1585 ح 2581، سنن الترمذي: 4/ 613 ح 2423، مسند أبي يعلى: 5/ 478 ح
6468، السنن الكبرى للبيهقي: 8/ 490 ح 11698، شرح السنّة: